جيش السودان وشبابه

جيش السودان وشبابه
بقلم : السفير العبيد مروح
شريحتان من مجتمعنا تستحقان أن يكتب عنهما علماء الاجتماع بعمق، عقب إنتهاء هذه الحرب، الأولى “القوات المسلحة” والثانية “الشباب” ..
(أزعم) أن القوات المسلحة السودانية، ظلت عصية على التطويع، لصالح القوى السياسية، على الرغم من أن بعض هذه القوى قد نجحت، في فترات معروفة، في التسلل لصفوف الجيش وتنفيذ انقلابات عسكرية..
وللمدقق في جوهر نظامي مايو والإنقاذ، سيكتشف أن الجيش، ولتقديرات يراها، أطاح أطاح بكل من الشيوعيين والإسلاميين، في أول محطة خلاف رئيسية بين المدنيين والعسكريين، على الرغم من صحة القول أن الإسلاميين، وخلافاً للشيوعيين، نجحوا في مسايرة الجيش لفترة أطول، وبنوا حلفاً سياسياً مع قيادته.. ومن المهم هنا الإشارة إلى أنه لولا قرار قيادة القوات المسلحة بإنهاء نظام الإنقاذ في أبريل ٢٠١٩م لبقي النظام إلى يومنا هذا.
والحقيقة الأهم، هي أن الجيش لم يكن عصياً على الأدلجة والتسييس فحسب، وإنما كان عصياً على النزوع القبلي والجهوي..
أتحدث هنا عن المؤسسة وعموم منتسبيها، لا عن الحالات الفردية التي هي موجودة في كل زمان ومكان، ويكفي دليلاً على ذلك، أن جانباً مهماً من خطة التمرد الحالي، ومناصريه في الداخل والخارج، كان وما يزال، هو إحداث شرخ في مؤسسة القوات المسلحة بدعوة منسوبيها من أبناء قبائل بعينها للتمرد، لكن أبناء القوات المسلحة من تلك القبائل كانوا عصيين على نوازع القبلية والجهوية متمسكين بمؤسستهم التي يدركون تماماً أنها هي محط آمال شعبهم والعمود الفقري لوطنهم، ودونكم أسماء كبيرة وكثيرة ليس شمس الدين كباشي وكافي طيارة وإبراهيم جابر إلا نماذج لها.
أما عن شباب السودان، فالحديث يطول، ويكفي أن أزعم ثلاث (زعمات) تشير كل واحدة منها إلى محطة تاريخية بحالها، تحتاج البحث والتنقيب والمقارنة..
*الأولى* أن الشباب هم مَن ثبَّتوا أركان حكم الإنقاذ لثلاثين عاماً، ولولا تضحياتهم بأرواحهم في الحرب وبأفكارهم وطاقاتهم في السلم، لما بقي نظام الإنقاذ للمدة التي بقيها، هذا مع كامل الإيمان بأن الملك بيد الله يؤتيه مًن يشاء وينزعه عمّن يشاء.
وحين أراد الله أن ينزع ملكه من “الإنقاذ” – وهذه هي الزعمة *الثانية* – كان الشباب على رأس القوى المجتمعية التي تصدت للنظام وقدموا التضحيات الأكبر قبل سقوط النظام وبعده، ومن أسف أن تضحياتهم تلك وتطلعهم لسودان يفاخرون به نظراءهم، تمت سرقتها، بواسطة الناشطين وعطالى السياسة ممن لا أحتاج لتسمية أحد منهم .
أما “الزعمة” *الثالثة*، فهي أن الشريحة التي تصدت للتمرد الحالي وواجهته بنفس آلياته وقدمت العدد الأكبر من الشهداء والجرحى والمصابين، هي شريحة الشباب، سواء من منسوبي القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، أو من المستنفرين المتطوعين.
*أنصفوا جيش السودان وشباب السودان، لكي تربحوا وطناً اسمه السودان.