رأي

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم علي

لكل إنسان حدود في سعة تحمله للضغوط الحياتية المختلفة و كما يقول المثل :(للصبر حدود) فما بالك إذا تعددت المصادر لهذه الضغوطات التي أصبحت لا تطاق ، و كما قيل : (أن الكثرة تغلب الشجاعة) ، وصارت مباصرة الحياة أكبر من سعة تحمل أفراد هذا الشعب لأنهم أصبحوا لا يعرفون مصدر الضربة التي تأتي على رؤوسهم ، و لقد حذرنا و ما زلنا نرسل رسائلنا التحذيرية لحكومة الفترة الإنتقالية أن توقف هذا الإستفزاز المتعمد الذي يقع تأثيره على المواطن البسيط مباشرة ، الذي لا يستطيع أن يفهم هذه التعقيدات التي ربطتها الحكومة بسعر صرف الدولار بعد ان رفعت يدها من كل السلع و أصبحت حرة حسب توجيهات البنك الدولي ، و كان ذلك سوف يكون مقبولاً إذا كان بدل الراتب دولارياً و يوازي هذا الضغط الكبير الذي أصبح غير محتملاً لكل فئات الشعب .

اليوم تدخل نسبة كبيرة من المخابز في إضراب مفتوح (57%) و ذلك لأن الحكومة لا تستطيع أن تسمع غير صوتها ، فمنذ فترة بعيدة طالب إتحاد المخابز بالجلوس مع الجهات التي يعنيها الأمر بالحكومة وحساب التكلفة الحقيقة للخبز ومن ثم تحديد سعر حقيقي يرضي جميع الأطراف ، ولكن كدأب الحكومة دائماً كما عودت الناس عليه ، فلم تسمع منهم شيئاً ،وكأن الأمر لا يعنيها ، لا من قريب أو بعيد ، فمكونات الخبز ليس دقيق قمح فقط و أنما هنالك مدخلات إنتاج أخري تحرك سعرها مع هذه الزيادات التي إستجابت لحركة سعر الدولار كالخميرة و الزيت و للملح و أحياناً (السكر) و الغاز أو الجازولين ، و علاوة على ذلك دخول الكهرباء التي رفعوا أسعارها فلامست السماء و قطعوا تيارها مما سيفرض عليهم عبئاً إضافياً في توفير الجازولين لمولدات الكهرباء و لهذا لن يستطع أصحاب المخابز الصمود أمام كل هذه الضغوطات التي فاقت حدود الإحتمال ، و خصوصاً أن إستهلاك الكهرباء اليومي للمخبز ليس بسيطاً وهذا خلاف أن أصحاب المخابز والعمال يريدون دخلاً محترماً يوازي هذه الزيادات التي دخلت بعد أن رفعت الحكومة الدعم كل شيئ .

ما يضيع القضايا في السودان هو تداخل الإختصاصات وخصوصاً تلك التي تكون عائمة ما بين الحكومة المركزية و الولائية و لهذا نجد أن أصحاب الإختصاص يتواكلون على بعضهم بطرق درامية سمجة و يكون المواطن هو الضحية الذي يدفع عزيز عمره في طوابير ليس لها حدود وهذا ما يجعله مجازفاً بصحته في هذه الأيام التي تحصد فيها الجائحة أعمار الناس بصورة غير مسبوقة ، و خصوصاً في هذه الظروف شديدة التعقيد التي يصعب فيها مجاراة العلاج الذي بات من المستحيلات أن يستطيع الفرد تحمل مصاريفه .

يجب على الدولة بشقيها المركزي و الولائي النزول من برجيهما العاجين و الجلوس مع إتحاد أصحاب المخابز و محاولة تفهم قضيتهم و السعي في حلها سريعاً وخصوصاً أن أصحاب المخابز ما زالوا يتحملون عبء تجميل وجه الحكومة أمام الشعب في تحمل هذا السعر المدعوم الذي لا يوازي مصاريفهم في إنتاجه وهذا ما أدخلهم في خسائر باهظة سوف تسوقهم إلى السجون في القريب العاجل ، في الوقت الذي لم تبدئ فيه الحكومة تحمل أي شيئ معهم في ما يخص مدخلات إنتاح الخبز التي لامست أسعارها عنان السماء ، و كذلك عدم تنسيق أجهزة الدولة مع بعضها قد أدخل المواطنين في زاوية ضيقة و أبرزها زيادة أسعار المحروقات و الطفرة غير المنطقية في أسعار فاتورة الكهرباء و غيرها من الأشياء التي لم تدرسها الدولة حينما تتخذ قرارات كهذه ستغير في أسعار السلع ،و بعدها يخرج إلينا وزير الكهرباء مبرراً للناس ويقول لهم : (ما زلنا ندعم دور العبادة) مدغدغاً بهذه العبارة السمجة عواطف المسلمين من أجل تبيض وجه الحكومة الذي أصبح في الآونة الآخيرة حالك السواد و يصعب تبيضه مهما أنفقت على ذلك ، ويجب أن تعلم الحكومة أن الناس يمكن يؤدوا فرائض الصلاة في جماعة في أي مكان خارج سوح دور العبادة ، و لكنهم لن يستطيعوا العيش بدون أساسيات الحياة و على رأسها الخبز الذي تأثر تأثيراً مباشراً بهذه الزيادات غير المبررة ، و لهذايجب على الدولة بألا تتعامل وفق نظريات الإنقاذ السابقة التي كانت تهمل الرأي الآخر ، و كانت لا تلتفت إلي صوت الشعب إلا بعد أن يتحول الأمر إلى قضية رأي كبيرة يصعب عليهم تجاوزها مما ساقهم إلى مصير أسود في غياهب السجون ، و لهذا على الحكومة مجابهة الطوفان القادم حال إهمالهم لهذه الإشكالات البسيطة والتي سوف تستفحل حال زيادة المتغيرات التي ستفرضها المستجدات الناتجة من جراء هذا الإهمال الواضح ، الذي سيؤدى إلى توقف كل المخابز التي تنتج الخبز المدعوم ، و كما أريد أن أذكر الجميع بأن شعلة هذه الثورة كانت بسبب رغيفة في مدينة عطبرة فهل من (معتبر) .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى