رأي

((همس الحروف) .. الشرطة السودانية لا بواكي عليها)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم على

الشرطة السودانية تعيش هذه الأيام حالة من التوحد و التوهان ، ولقد إبتدأت معها هذه الحالة بعد الثورة مباشرة فأصبح مغضوباً عليها ، وذلك من قبل أصحاب الأبواق المشروخة تحت مظلة الحجج الواهية و الأكاذيب الملفقة التي لا بسندها دليل و كما لا ترتقى هذه الإتهامات إلى مستوى التقييم ، حتى خال إليهم أن هذه المؤسسة الشرطية كأنها أتت من وحي الظلام و إلى الظلام ستعود مرة أخرى ، يريدون نفيها من حاضنها الشعبية بأي ثمن كان ، فهي من الشعب وإلى الشعب يرجع نسبها ، حيث نجدها قد رفعت شعارها لخدمته ، فالشرطة هي مؤسسة وطنية قومية في خدمة الشعب ، فحاولوا محوها بإقامة جسماً أمنياً جديداً يكون نظيراً لها يسمى بالامن الداخلي و ها هي تمتلك كل مقوماته ولكنها تفتقر مخصصاته و صلاحياته التي سيمنحوها لهذا الجسم الوليد ، و لكنها هي الأجدر والأقدر لتنفيذ مهامه ، فمهما روج عنها المروجون ضد أهدافها بصورة شريرة فإنهم لن يستطيعوا النيل منها ، حيث إستهدافتها خططهم الممنهجة عبر بوستات إسفيرية راتبة هدفها كان الهدم وما زال مستمراّّ و ذلك تحت شعارات البناء و التعميير الزائفة و ها هي تكتوي يومياً بأقلام بعض قصيري القامة و ضعيفي البصر والبصيرة من أصحاب الغرض الذي نتج عن مرض عضال أصابهم في مراكز حسهم الوطني فصاروا يزجون بها في متاهات السياسة الشائكة غير آبهين بما يحدثوه لها في جدار جسمها من شرخ ، الشيئ الذي جعلها تعيش واقعاً مزرياً لا يقبله لها عدو أو صديق و كما أنها لم تألف مثل ما يقال فيها من قبل و كأنها قد خرجت في رحلة لمجاهيل الموت العابر و هي تعيش حالة من الإحباط الشديد شبيهة بحالات الإنتحار البطي ، و الآن هي لا تمتلك قرارها بالصورة المثلى التي يفترض أن تكون بها من أجل إستطاعتها لبسط هيبتها و عبرها تكون هيبة الدولة مبسوطة على جميع حدود هذا الوطن ، فكل هذه السلبيات التي ساقها إليها أصحاب الغرض وصاغها بها الساسة حتى تشكلت لها خارطة طريق غير واضحة المعالم مبنية على الخوف من القادم ، لأنها أصبحت تقبع تحت رحمة صراعات المنابر السياسية التى شتت لها ذهنها ، فقل أن يرضى عنها أحداً منهم ، تقدمت إليهم خطوات و لكنهم يتراجعون عنها كلما تقدمت نحوهم لتكون مسافة الجفوة بينهم محفوظة و لكنها بالرغم من ذلك نجدها تسعى و تقتل نفسها من أجل تجويد أدائها وذلك بتفعيل كل أدوارها ، ولكنهم صاروا يهدودنها دائماً بشبح الهيكلة الذي يحمل لها المقص الأعمى حيث يطول الأخضر واليابس و بدون وعي أو رؤية ثاقبة إستهدف الرؤوس و الكفاءت و أصحاب الرؤى الراشدة من صفها الأول والثاني و الثالث وما زال ينخر في صفوفها ، حيث يحاولون به قص أجنحة المبرزين من الذين ما زالوا يؤدون خدمتهم بكل تفاني و الذين كانوا يحلقون بعيداً برؤاهم من أجل العطاء المثمر و التخطيط الإستراتيجي و المؤسس الذي يقدم عجلة هذه المؤسسة المعطاءة و التي تصب في صناعة الأمن و الأمان داخل حدود هذا القطر ، فهذا المقص المأدلج تحت إسم القومية له أهداف معلومة يعرفها القاصي والداني و به يحاولون تدجينها ، مما أفقدها ذلك زمام أمرها في المبادرات و لكنها بالرغم من هذه التشوهات التي طرأت عليها ما زالت تقدم أروع آيات التضحيات بصورة راتبة و مازالت تقدم الشهيد تلو الآخر ، فإن لم نتدارك هذه الأخطاء الفادحة و التي تنخر في هذه المؤسسة و إن لم نجد لها علاجاً شافياً و بصورة عاجلة سوف ندفع فاتورة ذلك الجرم الممنهج الذي وقع عليها في القريب العاجل ، ولهذا نجدها الآن قد أوشكت على الموت بفعل العلاج لا بفعل المرض .

أمس البارحة وقعت فاجعة كبيرة شكلت خسارة بشرية كبيرة جدا في وسط صفوف الشرطة من منسوبي الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إثر تعرضهم لكمين غاشم من مزارعي و تجار المخدرات بمنطفة سنقو بولاية جنوب دارفور ، حيث كانت هذه القوى المعتدى عليها يؤدون واجبهم الوطني تجاه حماية الوطن و جميع أبنائه من وصول المخدرات إليهم ، إنهم رجال الشرطة السودانية الأشاوس الذين نعرفهم منذ تأسيسها ، حيث يتصل نهارهم بليلهم ، وليلهم بنهارهم في حركة دائرية من أجل أن ينعم كل مواطن سوداني أو وافد مقيم في أرضه بنعمة الأمن و الأمان ، و يكون مطمئناً وسط سربه ، فنجد رجالات الشرطة يفترشون الأرض قيادة و قاعدة يقدمون دروساً في التجرد و التضحية ، وها هم غابوا عن أبنائهم في هذا العيد حتى إنكسرت قلوب صغارهم لأن أبائهم لم يكونوا معهم و هم يرابطون في مواقعم المختلفة ، فكانت فرحة الأباء بإشاعة الامان في ربوع الوطن ، وفرحة الأبناء بفخرهم ببطولات آبائهم في ميادين العمل .

و ما يؤلمني أنه لم يمتعض وجه أي جهة حكومية أو شعبية أو حتى مسؤول أو مواطن عادي لهذه الفاجعة الضخمة التي أصابت الشرطة في مقتل و التي أدخلت رائحة الموت و الدم في عشرات البيوت السودانية في ثاني أيام العيد ، ففي مثل هذه الحالات كنت أتوقع على أقل تقدير أن يتم إصدار بيانات شجب و إستنكار صفراء كما تعودنا عليها من أصحاب الباردة ، و حيث أن هذه البيانات لا قيمة لها حسب ما هو معلوم للجميع ، و لكن كل هذه الجهات درجت في التباري والتنافس في هكذا مناسبات التي تشبه هذه المناسبة الحزينة بإصدار بيانات شجبهم بعبارات طنانة ، و دائماً تكون لامورٍ أقل درجة من هذه الفاجعة التي لم يحس بها أحد غير الذين يطأون موقد نارها ، وكأن شرطة السودان ليست جزءً أصيلاً من هذا الشعب ، حيث تلقى الناس هذا خبر هذه الفاجعة ببرود إنجليزي فاتر ، مما كشف عن الجميع حجم عمق إنسانيتهم الضعيفة تجاه القضايا التي تمس الأمن القومي ، لأنهم الجميع تقبلوا هذه الفاجعة بأعصاب باردة وكأن هذا الخبر جزءً من مشهد في فلم بوليسي، إنه فقد عظيم كان من الواجب أن تهتز له أركان السودان لان هذه الفاجعة قامت بخصم كبير من رصيد هيبة الدولة حيث أصبحت عصابات المخدرات تتجرأ بمثل حادث كهذا ، ولقد خصم هذا الحادث نفر عزيز من أفراد الشرطة بقيادة ضابط ، و نحن نحتسبهم عند الله تعالى شهداء إن شاء الله .. فرجال هذه المؤسسة الشرطية هم الذين يسهرون ويضحون بحياتهم من أجل راحة المواطنين وذلك بمنع زراعة المخدرات في تلك المناطق النائية ، إنها الشرطة السودانية التي لم تقصر قط في واجبها إلا إذا خرج الواجب عن سعة إمكانياتها ، و بالرغم من ضخامة حجم الإستفزاز الذي تتعرض له يوماً بعد يوم ، و الإتهامات السمجة التي تطعن في نزاهتها كمؤسسة رائدة في مكافحة الجريمة و ما يطال قادتها من إتهامات لا تشبهم ، لكنها ما زالت على العهد ، فنحن حينما ندرك معاني الكمال و نميز ذلك عن النقيصة يكون من الواجب علينا إعطاء كل زي حق حقه ، و لهذا وجب علينا أن نرفع لها القبعات إجلالاً و إكباراً ، و أن نتجاوز لها عن هفوات بعض منسوبيها ، وأن نكون ناصحين لها إن رأينا ما يستوجب النصح ، و كما يجب عليهم أن يتقبلوا النصيحة بصدر رحب ، لأن الهدف العام هو المصلحة العامة ،، فالتحية للشرطة السودانية و هي تقدم التضحيات ، والرحمة والمغفرة لمن فاضت أرواحهم من أجل حمايتنا .. وتعظيم سلام لضباط و ضباط صف وجنود الشرطة السودانية الأشاوس الذين لم يبخلوا على الشعب يوماً ما بأرواحهم التي يقدموها رخيصة فداءً لهذا الوطن .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى