رأي

شــــــــوكــة حـــــــــوت راحــــــــة بــخـــــيــت


ياسرمحمدمحمود البشر

العنوان أعلاه مثل سودانى قمة فى البلاغة الشعبية ويضرب هذا المثل للإحباط وشدة المعاناة وقصة هذا المثل أن بخيت يعمل راعى بالبهائم (السعية) لفترة طويلة من الزمن دون أن يأخذ قسط من الراحة أو يأخذ إجازة عن عمله وذات يوم قال له رب العمل غداً سأمنحك راحة عن عمل الرعى بالماشية شريطة أن تذهب للإحتطاب وإحضار الحطب من الغابة مما يعنى أن بخيت سيقوم بعمل آخر ويذهب إلى الغابة بدلاً من الذهاب إلى الحقل ومجمل القول أن الشعب السودانى المغلوب على أمره يمثل حال الراعى بخيت الذى لا يوجد من يرأف عليه أو يهتم بأموره وقضاياه ومعاشه وكل من تولى أمره يريد أن يحوله إلى مصدر دخل وبقرة حلوب.

وما أن ظهرت بوادر نجاح ثورة ديسمبر وآتت أكلها فى السادس من أبريل خرج على الناس طلقاء الشوارع والطلقاء هم الذين إنضموا إلى معشر المسلمين بعد فتح مكة وهم (المُنْجَمِين ومفردها مُنْجّم) ومعناها المتاح الذى لم يبذل مجهودا كبيرا ولم يعانى مثل الثوار وكذلك يمكن القول أن طلقاء الثورة السودانية هم الذين قالوا للناس بعد أن إعتصم الشعب السودانى بساحة الإعتصام بالقيادة العامة وخرج على الثوار طلقاء لا يعرفون إلا مصالحهم الشخصية قبل مصلحة الشعب السودانى وهؤلاء الطلقاء وقعوا على بداية معركة ذات القميص المشروط وأصبح القميص المشروط جسر عبور إلى الإستوزار وفتح باب النجومية وحتى لا نذهب بعيدا فقد أطلق هؤلاء الطلقاء العنان لأحلام الشعب السودانى ووعدوهم بالمن والسلوى خلال عام واحد من تشكيل الحكومة الإنتقالية ووقعوا على الوثيقة الدستورية التى عطلت دستور السودان الإنتقالى وقالوا للناس أن الوثيقة الدستورية مقدسة قداسة التحريم ومن ثم تم تعديلها وتحولت الوثيقة من الوثيقة الدستورية إلى الوثيقة المبلولة بأمر إتفاقية جوبا وتم مد الفترة الزمنية لتصبح خمسة سنوات بدلا عن ثلاثة سنوات ونصف وقابلة للتمديد مرة أخرى لو وقع عبدالعزيز الحلو ومرة أخرى لو وقع عبدالواحد محمد نور لتصل الفترة الإنتقالية إلى عشرة سنوات وهى ذات الفترة التى تم تحديدها والتى لا يسمح فيها لحزب المؤتمر الوطنى لممارسة أى عمل سياسى وبعدها يتم التفكير فى الحديث عن الإنتخابات.

الطلقاء صعدوا المنصة وقالوا للكنداكات والشفاتة أن موارد السودان من ذهب وصمغ عربى وثروة حيوانية فقط سيصل فى العام ٢٠٢٠ وحده ١٢ مليار دولار وأن حاجة الخزينة العامة ٧ مليار دولار فقط وما تبقى من المبلغ يتم توزيعه على الصرافات من أجل (الصياعة) وهنا هتفت الكنداكات (الليلة حتسقط وحنعرس شفاتة) وبعد مرور ما يقرب من عامين من وعود الطلقاء زهدت الكنداكات فى الزواج بالحلال من الشفاتة ونجد أن الشفاتة أصبحوا (يخمسون) سيجارة البرنجى ما بينهم ووصل ببعضهم الحال إلى مرحلة (الجِـرة لمتعاطى الصعوط) وأصبح الشفاتة يغضون طرفهم فى المواصلات ليست من مخافة الله لكن خوفاً من أن يتعرف الشفات على الكنداكة ويعجز أن يدفع لها ثمن تذكرة المواصلات أو يطلب لها كوب عصير أو ساندويتش وفضل الشفاتة البقاء فى البيوت لممارسة العطالة المقننة بعد أن إكتشفوا أن كل وعود الطلقاء لهم كانت مجرد أحلام مزعجة إنتهت بنهاية التنويم المغنطيسى

أما الكنداكات فقد ماتت الخصوبة فى أرحامهن وأشتاقت أجسادهن لدخان الطلح والشاف والحنة والدلكة واللخوخة لكن نجد الكنداكة أصبحت تتمنى فقط وتكتب (العرس العرس) والشفات يردد (الفلس الفلس) وذهب النوم من عيون الكنداكة وهى تغادر فراشها فى الساعات الأولى من الفجر ليس للعبادة والتهجد إنما من أجل الوقوف فى صفوف الرغيف للحصول على رغيفات معطونات بماء الوعود الكاذبة وما تبقى من يومها تقضية تحت زمهرير الحر فى إنتظار وسيلة مواصلات تقلها إلى وسط البلد كل هذا وما زال الطلقاء يرددون كالببغاء أنهم مفوضون من قبل الشعب والشعب يعانى ويئن من المعاناة والطلقاء يكذبون ويتحرون الكذب حتى بعد أن (دقت المركب القيف)

نــــــــــص شــــــــوكــة

مثلما ضحكنا حتى بانت نواجزنا على الرئيس الأسبق عمر البشير عندما خُدع بقميص ميسى واليوم الشعب السودانى كله يضحك على خدعته بقميص الطلقاء المشروط صبيحة فض الإعتصام.

ربــــــــع شــــــــوكــة

(صــــــــفرجـت)

yassir.mahmoud71@gmail.com

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى