رأي

((همس الحروف) .. القمة ال (41) وكرنفال الفرح بالخليج)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم علي

الروابط الأخوية الخليجية مهما تباعدت فهي قريبة جداً و مهما ضعفت فهي قوية و متينة و مهما توسعت دائرة جفوتها فهي هينة لينة تميل إلى التسامح و الصفح و يملأوها الدفء من كثرة تشبعها بالحن والحنين لبعضها مهما حاول الشيطان من تعميق حجم الخلاف وتوسيع الهوة بينهم ، و هذا ما جسدته القيادة الرشيدة للملكة العربية السعودية بقيادة حكيمها خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الذي قام بدق إسفين الحكمة على رأس نعش هذه الجفوة التي طالت ، و ذلك بإفشال سعى البعض في محاولات كانت يائسة منهم في مد أيام هذه الأزمة بين هؤلاء الأشقاء لتقطيع أواصر الدم التي تربطهم ببعضهم البعض ، ولكن هيهات أن يكون مثل ذلك حاضراً في مكان تملأوه الحكمة وتحفه الرحمة التي تحملها صدور و عقول هذه القيادات العظيمة ، و لهذا يظل الكبير كبيراً يسبغ بحكمة و رشده على رؤوس الجميع لأنه يعتبر صمام أمان هذا البيت الخليجي بسعيه الدؤوب لحماية جل أفراد هذه الأسرة الخليجية من التفكك والضياع ، وذلك بتأمين المصالح العامة و على رأسها أمن المنطقة ،و التي تتحقق بها ديمومة الروابط العميقة ذات الجذور الضاربة في عمق التاريخ ، و ذلك بسعيهم الدائم من أجل تقوية كيان وحدتهم و حمايتها من التباعد و الخلافات التي لا طائل من ورائها سوى التفكك الذي يسهل مهمة عدوهم التاريخي ، و كذلك هذا الخلاف قد يظهرهم أمام العالم بالضعف و قلة الحكمة و زهدهم في التعاطي مع قيمهم النبيلة التي توارثوها اباً عن جد ، و هذا هو ما يميز أفراد هذا المجتمع الجميل و المتناغم و المحسود في آن واحد .

اليوم الخامس من يناير 2021 تشهد العاصمة السعودية الرياض كرنفال فرح عظيم بإنعقاد القمة الخليجية الـ41 المميزة ، والتي سوف يكون لها طعمها الخاص والخالص الذي قد يختلف كثيراً هذه المرة عن الدورات السابقات ، وذلك لأن من أبرز أجندتها هو السعي الجاد لرأب صدع هذا البيت الخليجي ، و ذلك إستجابة منهم لاصوات حكمائهم الذين ظلوا ينادون بتمزيق و طي ملف هذه أزمة الأسرة الخليجية إلى الأبد ، و لقد ظلت دولة الكويت تلعب دوراً محورياً في هذا الصدد منذ نشوب هذه الأزمة وما زالت ، و ذلك من أجل رأب الصدع بإرجاع المياة الراكضة إلى مجاريها و قد نال ذلك المسعى ترحيباً عظيماً يوصف ضخامة الحكمة و التسامح التي تتوفر في كامل هذا البيت على رأسه المملكة العربية السعودية و دولة الامارات العربية المتحدة بقيادتيهم الرشيدة .

في مثل هذه الأجواء المفعمة بروح الإخاء والمحبة التي يتجسد عندها نقاء القلوب وصفائها و تتجلى فيها عظمة الرجال ، و تظهر فيها عمق الروابط التي تميز الإنتماء إلى ذلك النسيج الإجتماعي المتناغم الذي يميز أهل الخليج من غيرهم ، و الذي يُملك المراقب الشعور بوحدة شعوب هذه المنطقة في كل التفاصيل الإجتماعية والثقافية ، ولذلك كان من السهل على قيادات دول مجلس التعاون مراجعة الخطأ في أي مرحلة من مراحله وإزالة نقاط الخلاف و التدخل في معالجة الأخطاء إن وجدت ، و هنا برزت معادن الأصالة المكنوزة في قلوب هؤلاء القادة الأماجد الذين تواصلت بهم الخطي الحثيثة و تقاطعت عندهم الأفكار في نقطة إلتقاء واحدة تمثلت في إحتواء هذه الأزمة ، ولهذا نجد أن جل رجالها قد هبوا إليها هبة رجل واحد من أجل تلبية ما أملته عليهم ضمائرهم النقية التي لا تعرف الحقد و لا تدفن الدسائس ، و التي تزرع روح الامل في أراضيهم البكر و أسمى معاني التسامح مع إبراز روابط الأخاء الحقيقية التي برهنت أن المؤمن سريع الغضب ولكنه قريب الرضا ، ولهذا زعنوا لأصوات العقل من أجل إزالة أسباب التوتر التي أدت الى هذه الفرقة وإحدثت هذا الشرخ الذي لا يليق بهؤلاء العظماء ، و لهذا نجدهم قد رحبوا جميعهم بهذا النداء الذي يدعوهم إلى الصلح و إرجاع دولة قطر الى محيط هذه الأسرة الخليجية الجميلة بجمال روابط شعوبها .

هكذا دائماً يكون العظماء الذين يغضون الطرف عن الصغائر و يسعون في معالجة الكبائر مهما عظمت ، ولهذا يجب علينا أن نثمن على دور المملكة العربية السعودية و أن نرفع القبعات إلى عاهلها الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في رعايته الكريمة لهذه المبادرة التي بها يلم شمل البيت الخليخي ، وذلك بدعوته الجميلة والمباشرة التي كان عنوانها التسامح من أجل الله والمصالح المشتركة و حماية أمن المنطقة ، التي وجهها إلى أمير دولة قطر ، و التي تبعها مباشرة خطوات كانت جادة في هذا الشأن وذلك بفتح المعابر الحدوية و إفساح المجال الجوي للطيران القطري تأكيداً منه لإزالة كل العوائق التي يمكن أن تكون حجر عثرة أمام هذا الصلح ، وكما أرجو ألا يفوتني إسداء جزيل الشكر لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني الذي لبى الدعوة بدون تردد مما أثلج بذلك صدور كل أصدقاء الخليخ و المهتمين بهذه القضية التي عكرت صفو هذه المنطقة ، ولهذا نرجو من الله أن يوفق بينهم وأن يربط على قلوبهم برابط الرحمة وأن ينزغ الشيطان من بينهم ليكونوا يداً واحدة باطشة على كل من تسول له نفسه بالتعدى عليهم وذلك بتحجيم مد دور عدوهم التاريخي في المنطقة ، و حلحلة كل القضايا الخليجية العالقة و الوصول بشعوبهم الى كل ما يتطلعون له على المستويين العالمي والإقليمي إن شاء الله .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى