ثقافة وفنونحواراترأي

من باريس إلى سويسرا… همسات السلام تتحول إلى خطوات على أرض الواقع

د.ميادة الطيب البدوي

أعرف أن غيابي في الأسابيع الماضية لم يمر مرور الكرام، وأدرك أن بعضكم افتقد هذه السطور كما افتقدت أنا لحظة كتابتها.

وعكة صحية أبعدتني قليلاً، لكنها لم تُبعد قلبي عنكم، ولا عيني عن متابعة ما يجري في الوطن.

امس، كتبت في تنويه قصير أن السلام بات قريباً. واليوم، تتناقل المنصات شائعة عن مفاوضات في سويسرا بين المليشيا والجيش السوداني.

لكن ما يهمني أن أؤكد عليه، أن ما لدي من معلومات حتى وإن لم يُعلن رسمياً هو أن هذه المفاوضات ليست مجرد شائعة… بل بدأت بالفعل، وأن الطريق إلى اتفاق أقرب مما يظن الكثيرون.

أمسية باردة.. حين التقيت بأحد كبار قادة الكفاح المسلح في مقهى هادئ.

جلس قبالتي، يطلب قهوته السوداء بلا سكر، ثم قال بصوت خافت:

“السلام أقرب مما تتصورين يا ميادة… وستسمع الخرطوم و الفاشر قريباً ما انتظرته سنوات .”

كانت ملامحه تحمل ثقل التجربة وإصرار المقاتل، وكأن كلماته ليست أمنية بل خلاصة مشاورات طويلة وممرات ضيقة نحو اتفاق لم يولد بعد، لكنه في طور التشكل.

أعلم أن السلام لا يولد في يوم ولا يُختزل في ورقة توقيع، لكنه الآن يخطو خطواته الأولى، حتى وإن كان بعيداً عن الأضواء.

وفي قلبي يقين أن الخرطوم ستسمع الخبر، مهما حاولت البنادق أن تغطيه.

وفي طريقي إلى البيت، كانت أضواء باريس ترتجف على صفحة نهر السين، فأبصرتها كما أبصر النيل في أم درمان عند موسم الفيضان… مهيب، عميق، يحمل في جوفه وعداً بموسم جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى