في شأن دعم تقدم بالأموال من الخزائن الغربية نقول لها، عفوا هل هنالك غداء مجاني ؟! …
في شأن دعم تقدم بالأموال من الخزائن الغربية نقول لها، عفوا هل هنالك غداء مجاني ؟! …
بقلم :مبارك أردول
في البدء لابد من إرسال كلمات الشكر والتقدير للسيدة رشا عوض المتحدثة الرسمية باسم كتلة تقدم (قحت + حمدوك) نشكرها لهذه الصراحة والوضوح ، في برنامج قناة الجزيرة مباشر في إفصاحها لمصادر تلقي الأموال ورعاية الجلسات والمؤتمرات والندوات و(الهيلامانة) في عواصم الدولة المختلفة ، مرة في اديس ابابا ومرة في القاهرة ومرة في نيروبي ومرة كمبالا، وهكذا نشاطاً وحضوراً كثيفاً بعث لنا عدد من التساؤلات.
وكما هي القاعدة في السياسة تقول ليس هناك غداء مجاني (there is no free lunch ) فإنه حتما سيكون الفاتورة المراد تسديدها ليست كما تقول عنها السيدة هذه، عن الديمقراطية والحكم الرشيد يجعل تلك المنظمات الغربية تدعم جماعات سياسية بسخاء وتسندها مليشيا مسلحة عابرة للحدود ترتكب أبشع أشكال الفظائع والانتهاكات الجسيمة في حقوق الشعب السوداني.
الفاتورة التي لا تريد رشاء ذكرها او قد لا تعلم عنها ، فهي دوما لن يجعلونها تقترب من مطابخ القرار لما أفشته هذه المرة من معلومة مهمة كهذه ، والتي تعتبر كارثية في حق قوى (تقدم ) هذه، وقد ناولت تمريرة سدد بها هدف تهم العمالة التي كانت يرددها خصوم تقدم دون ادلة ، وحتى أنني كنت لا أميل لتصديق مثل هذه العبارات ولكن ليس هنالك بد الان بعد الإفصاح الواضح الفاضح جداً.
الغرب سمعته وحاضره مشكوك فيه وفي امر دعمه للديمقراطية وخاصة ملف هذه المنظمات مع دول الجنوب بدلا عن اجهزة الاستخبارات في الستينيات من القرن الماضي ، هي نفس المنظمات التي دعمت مثل خوان غواديو في فنزويلا على الرئيس نيكولاس مادورو واعترفوا به (٦٠) دولة تتقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، وظل خوان رئيسا للغرب حتى تغيرت المعادلة الدولية والقت به نفس هذه الدوائر في فجاة في سلة المهملات ، وكذلك هي نفس الجهات التي سجنت الرئيس لويس ايناسيو لولا ديسيلفا لأكثر من عام في البرازيل بتهم الفساد وعاد بعدها إلى القصر، واتت ايضا بأحمد كرزاي رئيسا لافغانستان على مدافع التحالف الغربي تحت رايات محاربة الارهاب وتدمير طالبان، والذين هربوا منها بعد عشرة أعوام ملتصقين بأجنحة الطائرات الأمريكية هذه والتي تخلت عنهم فجاة، واكتفت بتسكينهم لاجئين في بعض الدول .
وقوف الغرب وسماحه الواضح لإبادة الشعب الفلسطيني يعد اسوأ أنواع الجرائم في العصر الحديث حيث اتبعت اسرائيل سياسة العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني في حربها ضد حماس، وهذا الموقف الغربي جمعا أوروبا وأمريكا جعل قاعدتهم الأخلاقية مهتزة تماما وفاقدة الثقة وافقدت حضارتهم التي تباهوا بها ومبررات تدخلاتهم في شؤون الدول أفقدتهم الأرضية الإنسانية السامية التي تدعي انها من اجل الديمقراطية والحكم الرشيد ، قاد هذا الأمر الدول الحرة تقدمها المجتمع المدني الجنوب افريقي (ليست حكومة سيريل رامافوزا) لمقاضاتها ومحاكمتها في نفس مؤسساتها العدلية التي أنشأتها، وكان النصر من هناك.
وعودة لامر رشاء كيف يمكن أن نفهم بان تقدم نفس هذه الخزائن الأموال لرعاية ديمقراطية رشاء وحكمها الرشيد (الذي نعرفه وخبرناه) وفي نفس الوقت تقدم نفس الأموال لابادة شعب واغتصاب ارضه وتشريده ، كيف يستقيم هذا، وماهي المعايير المزدوجة بربكم؟.
حتى لا يضيع احدا منا ومنهم وقته فان تجربة السودانيين تجاه الاستعمار ومناهضة التدخلات الخارجية متجذرة فيه نفوسهم، فهو الذي تغني ” يا غريب يالله يالله يالله لبلدك سوق معاك ولدك” ، وتغني له الكابلي وعنه في باندونغ معبرا عن دول عدم الانحياز وعن الثورة الجزائرية والشهيدة فضة التي لم تبلغ سن العشرين واختارت جيش التحرير.
المتأمل في الواقع السياسي في السودان يشوبه العديد من التساؤلات الغير منطقية والتي لا تدخل العقل، فالغرب اليميني الذي يرصد ملايين الدولارات للاستدلال ومعاقبة الإخوان احمد محمد هارون والشيخ علي كرتي اليميين المعروفين هو نفسه الغرب الذي يرعى أنشطة الرفاق الحاج وراق والباقر عفيف وياسر عرمان ودكتور حمدوك اليساريين بل الاشتراكيين المعروفين، ويسعى لتثبيتهم في الحكم! فمن الذي تغير هل الغرب بيمينه ام اليمين عندنا او اليسار؟ من الذي يناهض الإمبريالية وفق تصنيفاتها ومن الذي يداهنها !!؟فيسارنا تيمن ويميننا تيسر!.
نقول للسيدة رشاء ان فاتورة الغرب التي تسددونها جراء هذا التمويل السخي واضحة وتتمثل في المواقف الممجوجة التي تظهرها تقدم في الحرب هذه وتزويرها لتقارير الانتهاكات ومحاولاتها لإدراج القوات المسلحة ومساواتها بالمليشيا وكذلك صمتها امام إنتهاكات المليشيا الجسيمة وحتى التي تحدث حتى لاهلها، وقبولها بان تصبح الغطاء السياسي لها رغم كل شي، وختاما من يتسال عن لماذا لا تواكب الحرية والتغيير -الكتلة الديموقراطية نشاط تقدم نقول له ببساطة نحن قوى وطنية ننتمي لشعبنا ونستمد موقفنا من ارثنا ولا نستطيع سداد فاتورة الغداء الغربي .