رأي

هزلٌ وجد

هزلٌ وجد
بقلم :السفير العبيد أحمد مروح

⏺️ حين كان الزمان سمحاً، ولم ينتشر استخدام آلات القتل الحديث من بنادق الصيد فتفتك بالحياة البرية، كان البدو يستخدمون الكلاب والصقور لصيد الغزلان والأرانب البرية وطيور الحباري وما شاكلها، وكانت تتم تربية وتدريب تلك الحيوانات على مهمة الصيد بعد أن يكون المربون قد تخيّروا من السلالات ما يحسن أداء الوظيفة.

يطارد الكلب الغزال أو الأرنب أو غيرها فيدركها، ويلقيها أرضاً ويضع رجليه عليها حتى يلحق به الصائد فيمسك بها ويكمل مهمته في الذبح والسلخ .. وقد يتمكن الصائد في يومه ذاك من صيد أكثر من غزال أو أرنب أو حبار، كما قد لا يعثر في رحلته تلك على ما يصيده أصلاً فيعود بخفي حنين !!

ولهذا السبب، ولِما هو قريب منه، نشأت بين البدو ثقافة التفاؤل والتشاؤم في رحلاتهم للصيد، فيقولون إن هذا الصيّاد *”ملغوم”* أي لا يعود من رحلة صيده خائباً، وذاك *”أجلح”* أي أينما وجهته لا يأتي بصيد، ويسير الوصف أيضاً على كلاب وصقور الصيد.

ما يعنينا هنا هو وصف “أجلح” الذي يستخدمه البدو، وهو ذات المعنى في معاجم اللغة :

ف *الأَجْلَحُ* : الحيوان لا قَرْنَ له ..
*الأَجْلَحُ* السَّطح لا سُور عليه والجمع : *جُلْحٌ* ..
*الأَجْلَحُ* الهَوْدَجُ لا رَأْسَ له والجمع :  *أَجْلاَحٌ* ..
*أَرْض جلحاءُ:* لا كلأ فيها

مناسبة هذا كله، هو ما بدا من سقطات متتالية وقعت فيها جماعة المجلس المركزي في قوى الحرية والتغيير منذ أن تولوا أمر السلطة في بلادنا عقب أبريل ٢٠١٩م، إذ أن الراصد لكل أدائهم في الحكم وفي المعارضة يجده بلا “صيد” أو إنجاز، بل إن كل حملة “صيد” سياسية قاموا بها ارتدت نتائجها عليهم فلم يكسبوا منها سوى الخذلان، وكان آخر تلك المحاولات تبنيهم مع قيادة قوات الدعم السريع المتمردة محاولة الاستيلاء على السلطة عن طريق الانقلاب العسكري بحجة إسترداد الحكم المدني والديمقراطية !!

المحاولة الأحدث من بين تلك المحاولات الخائبة، كانت محاولة “الصيد” في ميدان الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعجب المرء كيف ذهب عمى البصيرة بهؤلاء القوم أن يدبجوا مذكرتهم الفضيحة بعد انقضاء الأمر الذي أعدت من أجله، إذ ما معنى أن تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يحول دون مشاركة رئيس مجلس السيادة في اجتماعات الدورة 78 بعد أن تكون المشاركة قد تمت بالفعل وأن المعنِي بالحرمان قد عاد إلى أرض الوطن غانماً، دعك عن خواء المذكرة وهشاشة المنطق الذي قامت عليه !!

*لم أجد وصفاً ينطبق على هؤلاء القوم سوى أنهم “جُلُح” أو جُلحاء، وأنهم أينما يتوجهون لا يأتون بخير، فالحمد لله الذي أذهبهم عنّ السلطة وعافى أهل السودان من أن يقودهم هؤلاء.

زر الذهاب إلى الأعلى