رأي

حافة طريق

بقلم:عوض عثمان عبيد

الجفاف العاطفي ذلك الشعور الذي لا يحسه إلا من عاش على هامش المشاعر الانسانية من مجتمعات لا تعير للمشاعر اي اهمية ولا تؤمن بوجدانية وعواطف الإنسان التي تقتلها الجلافة ويؤلمها الحرمان وطبقية المجتمع.
اللقيط ذلك الواقع المرير الذي تجده في كثيرا من المجتمعات والذي يتجسد في الأطفال فاقدي الوالدين من ذنب اقترفه شخصين في لحظة حب أو نزوة عابرة أو ربما إغتصاب، وبمجرد ظهور الحمل تجردا من كل العواطف الإنسانية والمسؤولية المجتمعية وكانت ضحيتها هؤلاء الأطفال الذين لا حولة ولا قوة لهم.
يضعونه في في حافة طريق خوفا من الفضيحة والعار لا يعيرون اهتماما بالماساة التي تنتظر هؤلاء الاطفال في مصيرهم المظلم بلا ذنب.

قد يجد اللقيط القلوب الرحيمة التى تحمله سنين وسنين الى بر الامان، ومنهم من يلتقطه الذين لا رحمته لهم فيكون مصيره الضياع في براثن مافيا المخدرات وشبكات الدعارة ليكونوا جسوراً ووسائل تحقق لهم مآربهم، ينشأون في ظروف غامضة فيكون مصيرهم الحقد على المجتمع لا يعرفون الحب والاحسان والطرق المستقيمة فقد بدأت حياتهم في الظلام وانتهت بالظلام.
فيعيشون على هامش المشاعر الإنسانية من مجتمع لا يؤمن بوجدانية العواطف التي تقتلها الجلافة.
أن اللقيط كلما حاول الاندماج والمصاهرة مع المجتمع وجد الاستقصاء من المجتمع الذي ينظر للقيط على أنه ضائع أصل.

 

في كل يوم تتوالى علينا الكثير من الروايات عن مأساة أطفال حديثي الولادة مرمى بهم على الطرقات بلا رحمة ولا ذنب اقترفوه.
لقد جسد المسلسل السوداني “حافة طريق” والذي تم عرضه في رمضان ٢٠٢١م، بطولة الفنان الشاب المبدع ” أبو بكر فيصل” والذي قام بتمثيل دورين جسد فيهم كل ما يمر به اللقيط من يوم أن وُضع على حافة الطريق ليلقى مصيرة المظلم بلا ذنب اقترفه، فقد اجاد الشاب النجم “ابوبكر فيصل” الادوار بجدارة استعطفت الكثير من الناس، الذين قاموا بمتابعة ومشاهدة حلقات المسلسل، أيضا لا ننسى ذلك السيناريو الجميل والذي قام بتجسيده وترجمته إلى صورة على الشاشة، ذلك الشاب المخرج الدرامي المبدع “جراهام بريمة”، فقد قام بنقله نوعية وفريدة في الدراما السودانية من خلال رؤيته الإخراجية في تجسيد الأدوار من خلال الممثلين والمشاهد الجذابة وحركات الكاميرا المبدعة والمؤثرات المثيرة.

ان ازمة الطفل اللقيط معقدة تظل طيلة حياته لا تفارقه همسات ونظرات المجتمع الذي لا يؤمن بوجدانية العواطف، الأزمة لا ينبغي أن تقف عند الطفل ، فلو عولجت ازمة الطفل اللقيط، فمن يعالج أزمة الضمير والإنسانية للذين تجردوا من انسانيتهم في تلك اللحظة وتخلوا عن ذلك الطفل المسكين على حافة طريق.

زر الذهاب إلى الأعلى