رأي

((همس الحروف) .. حمدوك .. ما بين مطرقة وعودة و سندان تنفيذها)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم على

مازال صوت البشير أمام الأجهزة الإعلامية السودانية مخاطباً الشعب السودان يرن في آذاننا وأسماعنا مفاخراً بمصداقيته (الكذوبة) و يقول للناس (حصل يا جماعة أنا كذبت عليكم قبل هذا اليوم ؟) ، و ما زال خطاب حمدوك أمام جميع القنوات الفضائية العالمية مخاطباً الجمعية العمومية للأمم المتحدة يرن في آذاننا و يقول : سيتم تخصيص فصل كامل للحريات والحقوق ، ومعالجة التشوهات التي لحقت بها و إتاحة حرية الرأي و الرأي الآخر متمثلة في حرية الصحافة و وعد وعداً قاطعاً و مغلظاّ بأن لن يسجن صحفياً بعد اليوم في السودان .

خطاب البشير كان خطاباً داخلياً من أجل إستعطاف ودغدغة عواطف الشعب السوداني حينما كانت تبرز إليه بعض الأزمات وقتها ، و أما خطاب حمدوك كان خطاباً عاماً يريد به أن يظهر الجوانب المشرقة للديمقراطية و الحريات التي اتت بعد الثورة أمام العالم أجمع و كلاهما كذبا على الناس و لكن الفرق بينهما أن البشير كان يتحدث إلى شعبه في الشأن الداخلي فقط و كما إنه لم يقطع فيه أي وعود كهذه المسألة و أنما كان يستفهم من أجل أن يتأكد من مصداقيته لنفسه ، و لكن حديث حمدوك كان يحمل رسائل مهمة للعالم أجمع عن السودان الجديد بعد الثورة حيث وعداً قاطعاً يحفظ حرية الرأي و الرأي الآخر مؤكداً بذلك حرية العمل الصحفي ، ولكن هذا الوعد لم يصمد كثيراً ، فبمجرد وصوله من إجتماع جمعية الأمم المتحدة نجد سلطات الأمن قد قامت بممارسة العنف مع بعض الصحفيين عند مدخل صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم ، وهذا يعد أول إنتهاك بواح لحقوق الصحفيين يكذب وعد الرجل الذي قطعه للعالم ، إلا أنه إستدرك خطأه و سرعان ما قدم الرجل إعتذاره و وعد بعدم التكرار ، ولكن على العموم تعتبر هذه الفعلة المشينة أول تمرين فاشل كان من شأنه إختبار جدية مثل هذه الوعود البيزنطية التي يمكن أن تأكد أو نفي مصداقية هذا الرجل تجاه وعوده الكاذبة الذي فتق به آذان العالم .

بالأمس تداولت الأسافير مقطع فيديو يشير إلى إعتقال الصحفى احمد على عبدالقادر اثناء حديثه على الهواء مباشرةً مع قناة التاسعة الفضائية حيث شهد العالم أجمع علي ذلك السلوك اللا أخلاقي و الذي لا يتوافق و عهد الحريات ، و إذا صح ما تناقلته الأسافير فذلك يؤكد حجم ضخامة الكذبة التي كذبها حمدوك أمام جمعية الامم المتحدة ، إذ يعد هذا المقطع من أكبر الفضائح التي سوف تهزم الدولة ، مهما كانت الدوافع التي أدت إليه حتى إن لم تكن الحكومة هي التي من قامت بهذا الأمر ، و ما هو معلوم بالضرورة أن ثوب الستر ثوب جميل يضربه الله على عباده ، و يستحي أن ينزعه عنهم من أول معصية حتى يتم تكرارها أو تعمد المجاهرة بها ، و حيث أن هذا الإنتهاك الذي حدث إن لم يكن متعمداً لغرض ما يريد به فاعله تشويه صورة الدولة فذلك يعتبر تحدي سافر للحريات ، وهذا سوف يعيد للمتلقي على مستوى العالم الصورة الذهنية القديمة لبوليسية الدولة ، و أما إذا كانت الحكومة هي الفاعلة فذلك يعني أن هذا السلوك ليس هو الأول ، لأنه أمر خطير في قمع الأصوات مع إنني لم أجد حتى الآن سبباً مقنعاً يجعل الدولة لتضع نفسها في هذا المحك الذي أحرجها أما العالم ، و لكن بالرغم من ذلك فهي تعتبر فضيحة يصعب معالجتها ، حتى إذا لم تكون الحكومة هي الفاعلة ، مع العلم أن الله لن يفضحهم من أول مرة والشاهد على ذلك تلك القصة المروية عن سيدنا عمر بن الخطاب حينما أراد رجل أن يدرأ عن نفسه الحد في جريمة إرتكبها فقدم دفوعاً عن نفسه متذرعاً بأن هذا الجرم هو الأول الذي يقع فيه خلال حياته ، فرد عليه سيدنا عمر رضي الله عنه بقولته المشهورة : لا و الله ، و لكني لقد علمت أن الله لا يفضح عبده من أول مرة .

على العموم إذا صحت هذه الرواية أو لم تصح فقد أدخلت الحكومة في حرج مؤسف مع العالم و مخجل من قبيح هذا الفعل المنسوب إلى هذا الحدث ، فهي المتهمة الأولى والأخيرة ، لأن محتوى هذا الفيديو سيؤدي إلى تشويه صورة موقفها من الحريات (المدعاة) و لهذا يجب عليها الخروج من قبوها الذي تخفي فيه نفسها دائماً في مثل هكذا أفعال و ذلك من أجل توضيح الحقيقة للرأي العام و تفنيد ملابسات هذا الفيديو و كما يجب عليها ألا تتخفى خلف هذا الصمت المميت الذي عرفت به في مثل هكذا قصايا ، فيجب عليها إدانة و إستنكار هذا العمل وان كانت هي الفاعلة أو لم تكن والكشف عن الملابسات التي أدت إليه حتى يعرف العالم من هو الفاعل و لماذا فعل ذلك ، بالرغم من أن قناعتي الشخصية في مثل هذه الأمور اتوقع أن يكون مثل هذا الفعل يعبر عن سلوك فردى ناتج من شخص مريض و لهذا يجب التعامل معه بنفس شدة وقع هذه الحدث بما يتناسب وحجم الفضيحة التي نتجت عنه و خصوصاً أن أمد الستر الذي يسدله الله على عباده يستمر لسنوات طوال ما لم يكن هنالك تحد سافر يجر إلى الفضيحة ، و لو أن ليس هنالك أمور مدبره تسوقها الدولة في الخفاء لما أتت هذه القصة و بهذه الإحداثيات المشينة التي يمكن ربطها و مقارنتها بما ورد في قصة قوم سيدنا موسى عليه السلام حينما منعوا من الغيث بسبب رجل كان يبارز الله بالذنوب والمعاصي اربعين سنة فتاب الرجل و نزل المطر فقال موسى لله من كان هو يا ربي ، فقال له : يا موسى يعصيني اربعين سنة فسترته وتريدني أن افضحه وهو تائب ، ولهذا إن لم تكن الدولة هي الفاعلة فعليها و فورا أن تفك طلاسم هذا الأمر و تقديم الجناة للرأي العام و كشفهم للناس وتوضيح ذلك للجميع و إلا فإن حمدوك قد كذب على نفسه في المقام الاول و على العالم أجمع بما إدعاه من حريات الرأي في هذا البلد المكوم بأفعال نخبه .

زر الذهاب إلى الأعلى