((همس الحروف) .. أبو القاسم برطم مشروع رجل جاهز لقيادة الدولة)
☘️🌹☘️
✍️ الباقر عبد القيوم علي
الشاب الطموح أبو القاسم برطم مثال يحتذى به ، فإستطاع أن يقفز بالزانة لينتزع مكانتة بقوة صعوده على سلم السياسة بالرغم من أنه ليس له أي خلفية سياسية ، و هو رجل يتمتع بثقة عالية في نفسه و صاحب ذكاء خارق و شخصية قيادية من الطراز الأول و الفريد و صاحب حضور ملفت جداً للنظر فإستطاع بكل هذه المقومات النادرة و المميزة و في فترة زمنية وجيزة أن يبني لنفسه قاعدة جماهرية عريضة من خلال فريق عمل بسيط يساعده عند الحاجة ، فالرغم من أنه غير مأدلج و لكنه إستطاع أن يخترق صفوف جميع المأدلجين بحضوره الأنيق ويثبت حضوره بينهم لأنه يتحلى بروح الرجل السياسي المحنك و له طريقته البسيطة في فن القيادة التي يدعمها بروح الدعابة و التواضع و الإنسانية العالية ، و كذلك فهو صاحب نخوة و نشاط دائم ، و له المقدرة العالية في كسب الآخرين بتواصله المحمود مع كل فئات هذا الشعب بدون فرز ، فهو رجل متسامح و متصالح مع نفسه و الآخرين و دائماً نجده يدعو إلى وحدة الصف السياسي و الديني من أجل بناء الوطن دون إقصاء أحد على أثر خلفية إنتمائه الجهوي أو الديني أو الأيدلوجي بحيث يكون المعيار الأول لذلك النزاهة و الإستقامة و عدم الفساد ، و أن يستبعد منها كل الذين تطولهم شبهات الفساد ، بحيث أن أي جريمة إرتكبها الشخص و تعبر عن المسؤولية الفردية لا يجب تعميمها على الجميع بسبب خلفياتهم السياسية التي ينحدرون منها .
إنه (برطم) رغم أنف من أبى ، فجر بصوته الساحة السياسية و الإجتماعية و إستطاع تسجيل إسمه في أرفع سجل يحمل أسماء الساسة في السودانيين ، فهو ذلك الشباب الطموح و القومي الذي تشبع بروح الوطنية العالية ، و خرج من رحم الطبقة الضعيفة والمغلوبة على أمرها و من صلب هذا الشعب المعلم ، إذ عاش طفولته و بدايات شبابه في قشلاق البوليس بميدان عقرب ببحري في بيت جده فكان نعم الحفيد لنعم الجد ، فهو يشكل بسمته هذا ملح الأرض و حال السواد الأعظم من السودانيين ، فهو رجل عصامي منذ نشأته الأولى كما ثبت ذلك في سجل تاريخ حياته ، و لذلك إجتهد في بناء نفسه بنفسه فبدأ بنحت صخرة نجاحه بكتا يدية ، فحرم نفسه من كل ملاذات الدنيا ونعيمها و سخر جل وقته للتحصيل الأكاديمي الذي كان يسنده بالعمل في أوقات فراغه مخلداً بذلك أروع قصة كفاح يعقبها نجاح تقف إنجازاتها الشاهفة والناطقة شاهدة على ذلك ، و قد يطول شرحها في هذه المساحه الضيقة ، حيث ذهب مع أسرته في معية والده إلى لبيبا التي كان مغترباً فيها ، فحاله كحال أبناء جميع المقيمين في ليبيا فدرس علوم الفيزياء في جامعة الفاتح و التي كان فيها من النوابغ و الذين يتحلون بخلق رفيع فنال حب الجميع بين زملائه السودانين و العرب ، فلم يكمل دراسته حتى وافت المنية والده وهو في المستوى الثالث في لحظة صمت كانت قاسية عليهم في بلاد الغربة و ليس مهم هنالك أحد من الأهل ، غير جيرانهم ، ولذلك كانت لحظات عصيبة يصعب عليهم تحملها لأنهم كانوا في بواكير حياتهم فأظلمت الدنيا أمام أعينهم ، ولكن عناية الله تكون دائماً حاضرة في مثل هكذا حالات من أجل حفظهم وصونهم ، فوجد نفسه يتقدم الصف ليكون هو القائد و المسؤول الأول عن رعاية أسرته ، و يسد بذلك مكان والده و كانت هذه فرصة لتحمل المسؤولية و بداية إعداده لشخصيته القيادية ، فإلتحق بوطيفة إستطاع منها اكمال دراسته وإعالة أسرته ، و في أثناء ذلك بدأ في تجارة صغيرة بدايتها كانت في مجال الدفاتر المدرسية التي كان يقوم بشرائها ثم يتم إرسالها الي السودان ليتكسب منها حلالاً حتى فتحت عليه مصدر زرق جيد كان نواة لعمل تجاري فيما بعد .
من دائرة دنقلا سطع نجم هذا القائد العصامي الفذ الذي إستطاع أن يبني لنفسه مجد و يتصدر الجلوس في مقدمة كراسي الساسة في هذا البلد دون الإعتماد على أي حاضنة سياسية أو تكتل إثني أو تجمع قبلي ، فلقد أتي من رحم هذا الشعب و كان من ملح أرض السودان السمراء ، بعيداً عن تقاطع الأيدلوجيات و الجهويات فنازل الأسود في عٍرانها حتى خرج منتصراً عليهم و هازماً لمشروعهم بفوزه الكاسح و ذلك بتغلبه على كل أشكال التزوير التي يمكن أن تحدث في مثل هكذا إنتخابات يكون خصمه فيها أحد رموز الحزب الحاكم ذو السلطة البوليسية في ظل دولة شمولية ، فثابر و صمد أمام كل الإغراءات التي عُرضت عليه و صارع كل الإرهاب الذي مورس في حقه الذي كان بغرض النيل منه ، فإستطاع بعزيمة لا تعرف الهزيمة أن يكسر كل رماح بطشهم التي تم تصويبها نحوه ، فلم يثنيه ذلك عن الإستمرار قدماً في مسيرته نجاحه التي كان فيها واثق الخطى و ثابت العدو صوب هدفه ، عارضاً برامجه التي أقنع بها مواطني دائرته بكل شفافية ، و لهذا أستطاع و بجدارة أن يجتث شجرة المؤتمر الوطني من جذورها بجدارة بفوزه الكاسح على مرشح الحزب الحاكم في تلك الدائرة التي كانت شبه مغلقة على المؤتمر الوطني ، فإستطاع إن يحول كل سلبيات خصمة بذكاء منه منقطع النطير إلى إجابيات إنصبت في مصلحته ، و لقد تخطى جميع الحواجز التي وضعت أمامه بهدف عرقلة سيره ، و كان أشدها المساومات التي يصعب الصمود أمامها و يسيل لها لعاب الكثيرين من ضعاف النفوس في مثل هكذا حالات ، مستخدماً في ذلك ذكائه الحاد و مستصحباً حضوره المميز و سطوع نوره الذي بذغ بصدقه الذي كان معهوداً فيه ، و متوكلاً قبل كل ذلك على الله و حوله و قوته ، فتمكن من تغيير مسار النتائج السلبية إلى صالحه ، و كان ذلك من واقع حب الناس له الذين إلتمسوا فيه كل مقومات القائد المحنك ، فأثبت ناجحه بإظهاره لكل مقدراته و مهاراته التي إعد بها خطته في حملته ، و لقد لعب في ذلك تميزه بروح الحماسة والمثابرة و البساطة التي إستطاع بها أن يكون قريباً من قلوب الناس ، و لذلك تفوق بها على خصمه ، الذي حاول إستخدام الإعلام السالب في تحطيمه بضرب مسيرتة بعد فوزه في الإنتخابات مستخدمين في ذلك أقذر الوسائل التي حملت على العاطفة (الدينية) بإشاعة أنه رجل ضد الشريعة الإسلامية و ذلك يسعيه في إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني محاولين بذلك أن يخلقوا له بلبلة في وسط جمهور دائرته ، و لكنه إستطاع بثباته في مواقع المسؤولية أن يحول كل تلك الممارسات السالبة التي مورست في حقه إلى نقاط موجبة شكلت شخصيته القيادية و ميزت له بصمتة بشكلٍ يختلف عن غيره من الساسة .
لقد كان معارضاً شرساً لنظام الإنقاذ من داخل و خارج مجلس الشعب منذ دخوله إليه و حتى آخر يوم من عمر الإنقاذ و كان لا يغمض له جفن حتى لا يترك لهم شارة أو وارداة تتعلق بالمصلحة القومية العامة ، حتى يتوقف عندها ويقوم بقتلها بحثاً ، و كان من الذين إتهموا نظام الإنقاذ في قمة جبروته و في وجه قادته و في العلن و أمام كاميرات القنوات العالمية و ليس من خلفهم : بأن الحزب الحاكم يمتلك كتائب ظل تفوم بقتل المتظاهرين ، و كان غيره من قادة الحرية والتغيير الحاليين الذين يدعون البطولات الآن لا يتجرأون علي توجيه مثل هذا الإتهام لحكومة الإنقاذ في الخفاء فضلاً من العلن ، وكان من الذين طلبوا استيضاح وزير الداخلية بمجلس الشعب بخصوص هذا الشأن الذي راح ضحيته نفر من خيرة شباب السودان ، و كذلك كان من أقوى المطالبين بمحاكمته و قتها لأنه فشل في الرد على جميع الأسئلة التي تم توجيهها إليه بإعتبار أنه هو المسؤول المباشر ، حتى قام الحزب الحاكم بتحريك دعوة جنائية في حقه و طالبوا بإسقاط الحصانه عنه حتى تتم محاكمته في الوقت الذي كان معظم قادة الحرية والتغيير يكنون كل الإحترام و التبجيل إلى بعض قادة المؤتمر الوطني و على رأسهم صلاح قوش ، و بعد نجاح الثورة ، تم نسيان وقفة هذا الرجل الجبارة مع الثورة و إنحيازه معها ، ولكن كعادة اهل حاول البعض شيطنة هذا الرجل صاحب المواقف القوية والمباديء الثابتة التي كانت تقوم على إحترام الإنسانية و حمل همومها ، فتم إتهامه بما يسمى (الهبوط الناعم) بإفتراض أنه أقرب إلى الحركة الإسلامية في أغرب إتهام من نوعه في حق الرجل الذي يشهد له جميع المراقبين للساحة السياسية بعكس ذلك ، و أن الذين صنعوا هذه الفرية من قادة الحرية والتغيير كانوا هم الأقرب إلى بعض أفراد النظام السابق بصورة لا ينكرها إلا مكابر .
يظل برطم هو الأحق بهذه الثورة منهم و الأجدر بها في قيادة هذه المرحلة من الجميع ، و التي تعتبر أشد المراحل تعقيداً في تاريخ السودان الحديث ، و ذلك لفهمه الواسع في الكيفة التي يمكن أن بها يدار السوان ، و لرؤيته الثاقبة في الحلول والمعالجات ولقربه من حس المواطن البسيط بالرغم من أنه يُحسب من الطبقة العليا إلا إنه رجل تربي في قشلاق ويعرف طعم و معنى المعاناة و البساطة و البسطاء ، و كما لم يفصل نفسه يوماً ما من جميع هموم هذا الشعب لأنه قريب منهم و كذلك يمتلك رؤية تفتقرها جميع قوى الحرية و التغيير و ذلك ليس من باب تلفيق التهم عليهم أو إثارة الفتن ، لأن ذلك كان بإعتراف السيد دولة رئيس الوزراء نفسه أمام الإعلام الذي أقر فيه بذلك و شهد العالم أجمع بأنه حاضنته السياسية تفتقر البرامج والرؤية ، فهل ما زال هنالك عقلاء يمكن أن يستفيدوا من تجربة هذا الرجل الذي ظل يدافع و ما زال عن هذا الوطن المكلوم بكل ما يملك ، فهل هنالك عقل يتدبر ؟ .