أخبار العالمرأي

مرايا مكسورة

كتب/ د.ميادة الطيب البدوي

حين يصبح الفساد وجهاً للدولة ..

لا شيء يفتك بالأوطان كفسادٍ يُشرعن، ويُغض الطرف عنه، ويُدار في وضح النهار كما لو أنه نشاط اقتصادي مشروع.

لقد اعتدنا في بلادنا أن نسمع عن “فسادٍ بلا فاسدين”، و”نهبٍ بلا محاسبة”، ومؤسساتٍ تتساقط مثل أوراق الخريف، بينما الدولة تكتفي بمؤتمرات صحفية وتصريحات فضفاضة عن “الإصلاح”.

لكن ما نشهده اليوم ليس مجرد فساد إداري هنا أو صفقة مشبوهة هناك، بل حالة فساد ممنهجة، قائمة على التسويات، والمحاباة، وتبادل المصالح، حتى أصبح الفاسد محصنًا، والنزيه متهمًا.

الملف ليس جديدًا، بل مزمن. فكلما أُثيرت قضية، أُغلقت بدخان سياسي كثيف، وكلما ظهرت أدلة، ضاعت في دهاليز لجان “التحقيق” التي لا تعود.

من المسؤول؟ لا أحد.

ومن يدفع الثمن؟ المواطن الغارق في الفقر، الباحث عن دواء، الساعي خلف وظيفة، والواقف في طابور الخبز والكهرباء والكرامة.

الدولة التي تعرف عن كل شيء، تراقب الكل، وتضبط تفاصيل المواطنين حتى في حياتهم الخاصة، كيف لها ألا ترى صفقات الأراضي، وعقود المقاولات المليارية، وتعيينات أهل الولاء؟

الصمت هنا ليس جهلًا.. بل موافقة.

نحن لا نحتاج إلى لجان جديدة لمحاربة الفساد، بل نحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تضع الخط الأحمر: “لا أحد فوق القانون”.

لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح بجرأة: هل تملك الدولة هذه الإرادة؟

أم أن الفساد لم يعد مجرد انحراف داخل جسد الدولة… بل أصبح هو الهيكل العظمي الذي تقوم عليه؟

زر الذهاب إلى الأعلى