رأي

جبال النوبة بين أطماع حميدتي والحلو


بقلم :يوسف عبد المنان
ترددت كثيرا في تناول مايجري على أرض جبال النوبة أو جنوب كردفان وهما مسميان لأرض جغرافية واحدة منصوص عليهما في آخر دستور لحكومة السودان اتفاقية ٢٠٠٥ التي أعلنت حكومة الثورة اعترافها بها والتزامها بما لم ينفذ منها
ومرد التردد لطبيعة الصراع والتسابق المحموم بين الحلو من الجنوب وحميدتي من الشمال للامساك بتلابيب الإقليم وبسط اي منهما نفوذه السياسي وسطوته العسكرية بعد أن تراخت قبضة المركز على الأطراف وانشغاله بنفسه وأمنه وحياته وترك الأطراف لمصيرها
مثلما تخلت الحكومة المركزية عن دارفور للحركات المسلحة أو قوي الكفاح المسلح التي أثبتت أنها لاتقوي على الدفاع عن نفسها دع الدفاع عن إقليم دارفور تراخت الحكومة في الخرطوم عن جبال النوبة وعن كل إقليم كردفان وتركته وشانه بلا جهاز إداري ولا سلطة سياسية ولا خدمة مدنية ولا حتى قوة عسكريه قادرة على الدفاع عن مواطنيها ولا عن نفسها ولمدة طويلة عاشت ولايات كردفان فراغا عريضا وتيها في الأرض أربعين يوما قبل أن يبدأ الحلو في التمدد والزحف نحو عاصمه الإقليم كادقلي بعد أن شعر بزحف حميدتي من الشمال إلى الجنوب ورغم ماتهمس به مجالس الإنس وفي بيوت الاتراح بعد سافرت وغربت شمس الإفراح من أن اتفاقا غير معلن رعته دولة الإمارات العربية المتحدة وهندس تفاصيله رئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك يقضي بتنسيق الجهود وتوحيد بندقية الطرفين وتوجيهها نحو القوات المسلحة فقط وترسيم حدود لكل طرف لايتعداها حتى لايتنازع الطرفان وتذهب ريحهما الا ان هذه الفرضية تفتقر للمصداقية حتى ولو كان اتفاقا فوقيا بين القيادات فإن ثمة تناقض بين القوى التي تحمل السلاح فالدعم السريع في كردفان على وجه الدقه يمثل المكون الاجتماعي لعرب البقارة ولا يضم بين صفوفه مكونات أخرى مثل النوبه والداجو وحتي عرب كنانه وأولاد حميد والكواهلة لاوجود لهم الان في صفوفه ويمثل الغاضبين على المركز والمسرحين من قوات الدفاع الشعبي عظم ولحم هذه القوة بينما الحركة الشعبية رغم محاولات الراحل يوسف كوه وجهود عبدالعزيز الحلو اصباغ الوجه القومي عليها الا ان الحركة تظل معبرا عن النوبه أكثر من تعبيرها عن كل اثنيات وقوميات الإقليم
وغداة حصار قوات الدعم السريع لمدينة الأبيض والأمساك بعنقها الرخو والتحكم في الدخول والخروج منها والسعي من وقت لآخر لاسقاطها والسيطرت عليها بدأت الحركة الشعبية تعد نفسها للانقضاض على جبال النوبة على الأقل الدلنج وكادقلي وبعد أن بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على الدبيبات والرهد وابوزبد والفرشاية دون أي مقاومة تمدد الدعم السريع إلى بارا ثم جريجخ وأم روابه وجبرة الشيخ وامسك بكل الطريق القومي المتجه إلى الفاشر حتى منطقة العياره وهي آخر منطقة في ديار البديرية وأول منطقة في دار حمر
وبدأ للحركة الشعبية أن السلطة المركزية ضعفت ووهنت حد أن أصبح كل مايعرف بالشريط الرملي قد دان للدعم السريع اجتماعيا وعسكريا وسياسيا وابرم قادة الدعم السريع حلفا وقسما مغلظا مع ناظر الحوازمة وعمده بمولاة قبيلتهم للدعم السريع ومساندته على حساب الجيش القومي وقد نجح الدعم السريع بتلك الخطوة استباق الحلو الذي يملك رصيدا وسط الحزام الرملي خاصة في ظل غياب وتغيب المؤتمر الوطني
الحركة أخذت في التمدد عسكريا من الجنوب بسيطرتها على دلوكه وأم شعران والحمره والاحيمر ومحاولة احتلال منطقة بلينجا وبسطت الحركة سيطرتها على السرفاية وكل ريفي دلامي ثم قطعت الطريق باحتلال الكرقل أكبر مدينه استراتيجية تربط بين الدلنج وكادقلي واستولت الحركة على محطة ضخ خام البترول عند منطقة كركراية وهاجمت مدينة الدلنج ولكن القوات المسلحة ردتها بعد تضحيات جسام وعندما دارت معركة الفراشاية الأسبوع الماضي وانسحب الجيش منها للدلنج لم تبقى قوات الدعم السريع داخلها الا مدة محدودة وانسحبت منها وجاءت قوات الحركة الشعبية ولكنها سرعان ماانسحبت وتركتها لحالها
ولكن الحركة الشعبية قررت فتح طريق الدلنج كادقلي عند منطقة الكرقل وتركت الشارع مفتوحا للمواطنين فهل تغامر الحركة بنفسها وتعود لحصار كادقلي واسقاطها وكذلك الدلنج وتبسط سيطرتها على أغلب أرض الإقليم؟؟
إذا أقبلت الحركة على تلك الخطوة فإنها تضع نفسها أمام تحديات كبيرة في كيفية إدارة الإقليم وتوفير احتياجات السكان من الطعام والكساء والدواء والتعليم وهي غير قادرة على توفير احتياجات سكان مايعرف بالمناطق المحررة ولكن الحركة الشعبية من حيث الانضباط السلوكي والأخلاقي والقيمي لاوجه مقارنة بينها وقوات الدعم السريع فالحركة الشعبية لايعرف عنها تعديا على حرمات المواطنين ولانهبا لاملاكهم ولا سلبا وقد دخلت قواتها الأسبوع الماضي مدينة الكرقل وتتواجد قواتها داخلها حتى اليوم لكنها لم تجرؤ على نهب رطل سكر ولم تعتدي على متاجر حتى مايعرفون هناك بالجلابة وهم أهلنا من الشمال ولم تعتقل مواطنا وتطلب فدية مالية مقابل إطلاق سراحه لأن الحركة الشعبية تملك جيش حقيقي وقيادة موحدة وانضباط شديد
خلافا لقوات الدعم السريع التي حينما دخلت الدبيبات تبعها الحرامية والمجرمين والنهابة وعصابات القتل والساحل ففعلت بالناس مالم يفعله التتار ببغداد ومالم يفعله محمود و احمد بأهل المتمه ومثلما تواجه الحركة الشعبية تحدي إدارة المناطق المحررة فإن الدعم السريع أيضا تنتظره مهمة إدارة شان التعليم والصحة والإدارة والزراعة والان الموسم الزراعي القادم قد بدأت بوادر فشله من الآن بسبب شح وانعدام الوقود وحالة السيولة الامنيه حد أن نهب احد الضباط عربة قائد حامية هبيلا والانضمام بها لقوات الدعم السريع
فهل يقتسم الدعم السريع والحركة الشعبية الإقليم الذي هان على حكومة الخرطوم؟؟
ام يستشعر الفريق شمس الدين كباشي ابن المنطقة وفرس رهانها المسؤولية ويعيد بسط سلطة الدولة على الإقليم ويبعد عنه شبح التقسيم والقسمة الضيظى بين حميدتي والحلو.

.

زر الذهاب إلى الأعلى