رأي

مَعَ زرَادِشتْ


شعر عمر شبرين
سَأَلْتُ النَّفْسَ فِي سَدَمٍ
وَقَلْبي يَشْكُوَ إِتْلافَا
ما لِي لا أَرَى إِلا
دهَارسَ تَبْدُو أَصْنَافَا
رُؤَى تَجْلُبُ لِي الأَحْزَانْ
أَشْكَالاً وَأَطْيَافَا!!
أَمَا كَانَ زرَادشتٌ
عَلَى الآكَامِ طَوَّافَا !

**

بَعِيدَاً عَنْ لَظَى الدُّنْيَا
حُيْثُ الْغَابَةُ الْعَذْرَاءْ
حُيْثُ الْكَـوْنُ يُغْوِينِي
وَتَزْهُوَ الدَّوْحَةُ الَّلفَاءْ
ذَهَبْتُ أَسِيحُ ، أَتَمَشَّى
أُغَازِلُ زَهْرةً زَوْرَاءْ
تَنَامُ عَلَى شفَا جَدْوَلْ
تَهَابُ غَوَائِلَ الأَنْوَاءْ

**

أُنَاجِي قُـبَّةَ الدُّنْيَـا
فِي أَعَلَى أَعَالِيهَا
يُظلِّلها سَدِيمُ الصَّيْفِ
وَالَّلألاءُ تُدْنِيهَا
وَتَأْتِي قَزَعةٌ حُبْلَى
تُجَرْجِرُ ذَيْلَهَا تِيهَاً
فَلَا شَيْءٌ يُطَاوِلُهَا
وَلَا حُسْنٌ يُدَانِيهَا


أُنَاظِرُ أَمَّنَا الأَرْضَا
عَلَى فِسْطَاطِها الأَخْضَرْ
تَنَاثَرَتِ الِبُحَيْرَاتُ
كَوَجْهٍ فَاتِنٍ أَزْهَرْ
يَسُوَحُ عَلَى رَوَابِيهَا
جَانٌ مِنْ بَنِي عَبْقَرْ
يَكَادُ الطَّيْرُ مِنْ طَرَبٍ
عَلَى أَنْغَامِهَا يَسْكَرْ

**
وَأَرْقُبُ بَاشِقًا حُرَاً
عَلَى الأًجْبَال يَتَهَادَى
مِنْ خلَلِ الْغُيُومِ السُّودِ
وَالأْوْدَاءِ عَــوَادَاً
يَرْقُبُ تَحْتَهُ الأَجْوَاءْ
عَلَى مَكَثٍ لِيَصْطَادَا !
ويخْشَاهُ بُغَاثُ الطَّيْرِ
و الْقُبَّرِاتُ لَوْ نَادَى!!

**

وَأَصْـدَافٌ أُقَلِّــبُهَا
بِرَمْلِ الشِّطِّ مَكْسَيَّةْ
تُغُوصُ وَمَرَةً تَطَفُو
مَعْ الأَوْرَاقِ مَجَلَيَّةْ
نَدَى الوَادِي يُبَلِّلنِي
كَما لَوْ كنت جُوريَّةْ
أَمَامِي تَلْعَبُ الْقُبْرَاتْ
تَخْطُر خَلْفََ قُمْريَّة
تُوَشْوِشُنِي نُسَيْمَاتٌ
وَكُلُّ مَنَايَ حُورِيَّةْ!!
بَعِيدَاً عَنْ عُيُونِ النَاسِ
أوْ هَــيفَاءُ إنـسيَّةْ
أُلاعِبُهَا، فَتُسْـبِينِي
مَعْ النَّسْمَةِ الصَّبَاحِيَّة!


عَنَادِلُ تَعْزِفُ الأْلْحَانَ
أَشْكَالاً وَأَلْوَانَاً
فَتُقَلِقُ هَدَأةَ الْوَادِيِّ
تَرْدِيدَاً وَدَوْزَانَا
تَكَادُ لُحُونُه تَجْرِي
عَلَى الأَجَبَالِ جَرَيَانَا
فَتُصْغِي الدَّوْحُ وَالنَّخَلاتُ
وَالسَّرْحَاتُ وَالْبَانَا

**

عَلَی مَرجٍ أَرَيضٍ
مَهْدُهُ الأَوْرَاقُ وَالْقَضْبَا
قَامَتْ زهْرةٌ وَسْنَى
تُسَامِرُ غَصْنَهَا حُبَّا
تُنَاجِيها فرَاشَاتٌ
تَرُومُ رَحِيقهَا الْعَذْبَا
تُنَافِسُها نُحَيلاتٌ
تُطُوِّفُ حَوْلَهَا طَرَبَا !
فَاسْكَرُ مِنْ شَذَى الْوَادِي
وَمِنْ وَلَهٍ فَوَا عَجَبَا!
وَكُلٌّ يَبْتَغِي حَظَّهْ
فمنْ ذَا يُحْسِنُ الطَّلَبَا !


وَأَنْسَى لَوْعَةَ الْمَاضِي
وَالأَحَزانَ وَالشَّكوَى
فَقَدْ ضِقْتُ بَمَا احْتَمَلْ
جنَانٌ يَنْشُدُ السَّلْوَى
لأَجْلُو الْغمَّ عَنْ رُوحِي
فَيَحْلُو الْبَوْحُ وَالنَّجْوَى
رُوَاءٌ لَيْسَ يَعْدِلُهُ
لا عَسَلٌ وَلا حَلْوَى


أُنَاظِر بَهْجَةَ الدُّنْيَا
فَلا مَيْنٌ وَلا كَلَلُ
ذَوَتْ شَمْسُ الأَصِيلِ وَقَدْ
تَأَهَّبَ بَعْدَهَا زُحَلُ
يُضِيءُ بِنُورِهِ الدَّنْيَا
كَحُلْمٍ صَاغَهُ الأَمَلُ
فَمَا لِي فِي الْوَرَى إِرَبٌ
وَلَا نُوقَاً وَلَا جَمَلُ!!


تَأَلَّقَ فَوْقِي الشِّعْرَى
ضِيَاءً يَخْلُبُ الأَبْصَارْ
وَيَبْدَو زَاهَيَا بهْرَامْ
خَلْفَ عَوَالِي الأشْجَارْ
وَلَاحَ الْقَمُرُ مُنْتَقِبَاً
يُغَازِلُ لَيْلَةَ السُّمَّارْ
تُوَشِّيه نُجَيْمَاتٌ
تُجَمِّلُ مُتْعَةَ الأَسْفَارْ
وَتِلْك يَرَاعَةٌ بَزَغَتْ
تَنْشُرُ سَاطِعَ الأَنْوَارْ
وَيَسْمُوَ الْفَرْقَدَان عَلَى
مَدَارٍ مِثْلَ وَهَجِ النَارْ
وَهَا هُوَ ذَا يُطَالِعُنِي
سهيلٌ بَهْجَةُ الأَنْظَارْ
رَوَاءٌ لَا يُبَدِّدُهُ
إِلَا الْكَوْكَبُ الْجَبَارْ!!
………………………….
*زرادشت حكيم فارسي عاش سنة ٦٥٠ قبل الميلاد تقريبا و كان موحدا، اعتزل قومه و ما يعبدون من دون الله الواحد الأحد و كان كثير التأمل في آيات السموات و الأرض و ملكوت الله.

وتساب 249113543012+
ustazomer@gmail.com

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى