رأي

منصة


أشرف إبراهيم
معضلة الديون

  • تعاني العديد من الدول الافريقية من فخ الديون الصينية الذي نصب بإحكام وطوق رقاب هذه الدول من خلال القروض ومشاريع البنى التحتية باهظة التكلفة ورديئة الجودة وفي ذات الوقت ترهن قرار الدول وتضعف سيطرتها على المشاريع والمواقع المهمة.
    *اوردنا نماذج سابقة وفي هذه الزاوية نورد نماذج لعدد من الدول الافريقية التي وقعت في فخ هذه الديون، فقذ أدت الديون إلى أزمة سداد، مع امتلاك الصين حوالى 72 في المئة من ديون كينيا الخارجية التي تبلغ 50 مليار دولار. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن تدفع كينيا 60 مليار دولار لبنك الصين، “إكسيم” وحده، بحسب مصادر وتقارير ، ويمكن أن يُفقد ميناء مومباسا، إذا تخلفت كينيا عن سداد القرض، وفقاً لمراجع الحسابات العام في كينيا.
    وكان 28 أكتوبر الماضي، يوماً سيئاً لوزير المالية الأوغندي ماتيا كاسايجا الذي نُقل إلى البرلمان واستجوابه بشأن شروط قرض صيني بقيمة 200 مليون دولار لتوسيع مطار عنتيبي الذي يخدم العاصمة كمبالا، واعتذر للمشرعين المجتمعين قائلاً، “ما كان يجب أن نقبل بعض البنود”، “لكنهم قالوا ، إما أن تأخذه أو تتركه”.
  • وكان موضوع الخلاف في أوغندا مرتبطاً بعقد تم توقيعه قبل ذلك بست سنوات مع “تشاينا إكسيم بنك”، وهو عقد يقول بعض المشرعين والمسؤولين والمحامين الأوغنديين، إنه يقوض السيادة الوطنية، حتى أن تقريراً لصحيفة “ديلي مونيتور” الأوغندية، أشار إلى أن بكين قد تستولي على مطار عنتيبي، البوابة الدولية الرئيسة للبلاد، وهو ادعاء ردد الاتهامات الصينية بـ”أفخاخ الديون”، ونفى بقوة من قبل الحكومتين، ويسلط الجدل الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومات الأفريقية والبنوك الصينية في أعقاب موجة الإقراض التي استمرت 20 عاماً والتي جعلت من بكين أكبر مصدر لتمويل التنمية في القارة.
  • بحسب “فايننشال تايمز”، البريطانية تشكل البنوك الصينية الآن حوالى خمس إجمالي الإقراض لأفريقيا، ويتركز في عدد قليل من البلدان الاستراتيجية أو الغنية بالموارد بما في ذلك أنغولا وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وزامبيا، وبلغ الإقراض السنوي ذروته عند 29.5 مليار دولار في عام 2016، وفقاً لأرقام مبادرة الأبحاث الصينية الأفريقية في جامعة جونز هوبكنز، وعلى الرغم من تراجعه في عام 2019 إلى 7.6 مليار دولار، فإن الأرقام لا تزال كبيرة.
    وبعد الغوص في أفقر قارات العالم، أصبح المقرضون الصينيون أكثر حذراً إذ وصلت بعض الدول إلى الحد الأقصى لقدرتها على الاقتراض واحتمال التخلف عن السداد يلوح في الأفق.
  • ويورد صندوق النقد الدولي أكثر من 20 دولة أفريقية على أنها تواجه ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير، ورداً على ذلك، تبنى المقرضون، بما في ذلك “تشاينا إكسيم بنك” و”بنك التنمية الصيني”، وهما بنكان سياسيان رئيسان في البلاد، شروط إقراض متشددة بشكل متزايد، وقد بدأت تلك الظروف، التي يختلف بعضها اختلافاً ملحوظاً عن الدائنين الرسميين الآخرين، في الاختبار، إذ تفرض المصاعب الاقتصادية المرتبطة بالوباء والجوائح عبئاً على البلدان الأفريقية المثقلة بالديون.
  • وأكد الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الحذر في خطاب فيديو أمام منتدى التعاون الصيني- الأفريقي الذي يعقد كل ثلاث سنوات في السنغال في نوفمبر 2021،حيث قال الرئيس الصيني، إنه على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ستخفض الدولة المبلغ الرئيس من الأموال التي تزودها بأفريقيا بمقدار في المركز الثالث إلى 40 مليار دولار، كما أشار ضمنياً، أعاد توجيه الإقراض بعيداً عن البنية التحتية الكبيرة نحو التركيز الجديد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمشاريع الخضراء وتدفقات الاستثمار الخاص.
    وقال تحليل حمل عنوان، “إقراض الصين لأفريقيا”، أعده “تشاتام هاوس”، وهو مركز فكر بريطاني، إن “الصين تبتعد عن هذا النموذج الكبير الحجم وعالي المخاطر في التمويل إلى نموذج يتم فيه إبرام الصفقات وفقاً لمزاياها الخاصة، على نطاق أصغر وأكثر قابلية للإدارة من ذي قبل”.
    *يتضح من خلال هذه المعلومات والتقارير حجم الكارثة المحدقة بالدول الإفريقية ومعضلة الديون الصينية التي تمنعها من الانطلاق وقد أشرنا في المقال السابق إلى تأثر السودان نفسه بهذه المصيدة وتوقيع إتفاقيات في جانب الموانئ مجحفة وتؤثر على الإستفادة المتوقعة من هذه المشروعات فضلاً عن التهديد بالسداد العاجل أو الاستيلاء على المشروعات بشروط لاتراعي تقلبات الأوضاع الإقتصادية في هذه الدول الفقيرة.
    نواصل
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى