شظايا
شريف أحمد الأمين
تجييش الخرطوم .. حقيقة ماجري!!
▪️في الثامن من يونيو 2019م كانت موجة حادثة فض إعتصام القيادة تعتلي كل شوارع العاصمة توجساً بما حدث وما سيحدث .. فعمت حينها أوصال العاصمة توترات غير معهودة وصمتاً مهيباً في جميع الطرقات بوسط الخرطوم فيما عدا بعض ثكنات وإرتكازات القوات النظامية والتي كانت تؤمن الخرطوم من الإنفلات الشامل الذي كان متوقعاً.
▪️وازاء ذلك الوضع المهيب صادف التأريخ اعلاه مرورنا بشارع القصر والذي كان حينها كأحد الازقة في مدن الاشباح والتي جسدتها الدراما العالمية، وخلال توجهنا وتجولنا بالسيارة من شمال الطريق إلي جنوبه وقبل الوصول لتقاطع شارعي القصر مع السيد عبد الرحمن قبالة فندق مريديان تفاجأنا بسقوط جسم غريب في منتصف الطريق أحدث دوياً عالياً وفرقعة مكتومة في باطن الأرض نتجت عنها حفرة متوسطة الحجم في جسم الأسفلت العتيق ومن ثم تناثرت شظاياه الحديدية في قارعة الطريق!!.
▪️وخلال ثوان من الحدث وتوقفنا عن السير تجمعت قوة كبيرة من النظاميين حول الجسم الغريب القادم من الفضاء وبدأوا في تحريز اجزاءه المتناثرة وجمعها ومن ثم قالوا لنا: (حمد لله علي السلامة) وذهبنا في طريقنا وعلي رؤوسنا الطير!!.
▪️بعد أيام قلائل علمنا بإن مصدر الجسم القريب كان قاذفة (ار بي جي) إنطلق (مولودها المتفلت) من موقع قرب الكتيبة الإستراتيجية قبالة شارع الغابة ليسقط أمامنا في شارع القصر وتبين أن مصدره قوة جديدة دخلت الخرطوم لأغراض التأمين الأضافي حيث لم يفلح أحد الأفراد (المستجدين) في التعامل مع القاذفة فإنطلق المقذوف دون قصد ضالاً طريقه ليسقط أمامنا علي بعد أمتار من القصر الرئاسي!!.
▪️الحادثة وغيرها من الحوادث المشابهة تؤكد خطورة التعاطي مع المظاهر العسكرية والتسليح والعتاد العسكري الكبير داخل المدن والذي تنسحب عليه نتائج ربما تكون مؤلمة ومخيفة.
▪️خلال الأيام الفائتة تداعت بعض وسائل الإعلام والوسائط الالكترونية في توجيه حملات نقد موسع وهجمات ممركزة علي دخول قوات تابعة لحركات الكفاح المسلح للعاصمة الخرطوم (بعدتها وعتادها) ضمن برتكول الترتيبات الأمنية وفقاً لإتفاقية جوبا والتي انهت حرباً مداها (18) عاماً بدارفور والنيل الأزرق!!.
▪️أما في الجانب الأخر أكد قادة تلك القوات بإنهم جاءوا انفاذاً لبند الترتيبات الأمنية واشاروا بأن القوات الموجودة شأنها كالوحدات العسكرية للجيش السوداني المتواجدة بالعاصمة بل قطع مني اركو مناوي قائد حركة جيش تحرير السودان بإن قواته (ليس شياطين) أو إجانب او محتلين ليجدوا تلك المعاملة القاسية في تداول خبر وصولهم للخرطوم!!.
▪️وفي كلا الحالتين (مابين مؤيد ومعارض) لتواجد تلك القوات العسكرية بتجهيزاتها الحربية نري أن الواقع يجسد الجلوس علي فتيل قنبلة عالية الإنفجار وليس الأمر قاصراً فقط علي قوات حركات الكفاح المسلحة وإنما يتعدي كل القوات العسكرية المتواجدة في قلب الخرطوم بشكل إنتشار حربي وليس تأمين منشأت بإفراد محدودين او تمثيل نسبي لبرتكول إتفاق سلام لان قرائن الاحوال ووقائع التواجد السابق تكشف خطوة الوضع وتتعدد الأمثلة وتكثر البراهين في الصدد ونذكر منها:
▪️في بداية الألفية الحالية شهدت الخرطوم أكبر عرض لفلم رعب عندما إنفجرت دانات تالفة خلال ترحيلها من مبني سلاح الأسلحة القديم قبالة القيادة العامة وعندها تطايرت المقذوفات واصابت من اصابت بين قتيل وجريح الأمر الذي حدي بالسلطات العسكرية إتخاذ قرار حاسم بنقل سلاح الأسلحة الي شمالي الخرطوم بالقرب من منطقة الكدرو.
▪️في العام 2007م لقي 11 شخصا مصرعهم وأصيب آخرون بجروح عقب مواجهات شرسة بين قوات الشرطة ومسلحين من فصيل يتبع لحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي مساعد رئيس الجمهورية لشؤون دارفور الاسبق وبحسب قناة الجزيرة وقتذاك فإن المواجهات جاءت بعد رفض فصيل مناوي تسليم مطلوبين للشرطة على خلفية شكاوى سكان حي المهندسين بمدينة أم درمان وأفاد مراسل الجزيرة في الخرطوم أن أحد الضباط قتل في المواجهات في حين أشارت وكالة الأنباء إلى أنه يحمل رتبة مقدم، وقتل شرطيان آخران، ومن جهتها قالت حركة تحرير السودان إن ثمانية من منسوبيها قتلوا فى الاشتباك، وعن خلفية الحادث قال وزير الداخلية الأسبق الزبير بشير طه إن منسوبي الحركة رفضوا الامتثال للشرطة إثر سعيها للقبض عليهم على خلفية بلاغات مفتوحة ضدهم!!.
▪️كما شهد العام 2012م إنفجار وحدات من مجمع اليرموك للاسلحة والذخائر جنوبي الخرطوم والذي روع الأسر والقاطنين بالقرب من المجمع حيث كانت حادثة لا تنسي خاصة وإن الأنفجار الضخم تبعته إنفجارات ارتدادية زادت من مخاوف المواطنين.
▪️وليس ببعيد الإنفجار المحدود الذي حدث مؤخرا في العام 2020م بمجمع الذخيرة بالشجرة والذي ارعب جميع السكان جنوبي الخرطوم وإعاد لهم ذكري إنفجار مجمع اليرموك الأليمة.
▪️تلك نماذج من الأحداث المروعة والتي شهدتها ولاية الخرطوم خلال الألفية الجارية بسبب التواجد العسكري ومجمعات الصناعات الحربية وسط المدن والتي أعطت قيمة مضافة للمخاطر المتجددة علي المدنيين الأمر الذي يتطلب المزيد من الحيطة والحذر من الجهات ذات الصلة للسيطرة علي السيولة (العسكرية) الكبيرة والوافدة للخرطوم.
أخر الشظايا:
في ظل تلك المعطيات المتجددة بوصول المزيد من القوات العسكرية الموقعة علي إتفاقية جوبا تزداد درجات الحزر والرهبة والخوف لدي أغلب المواطنين (فمن جرب لدغة الثعبان يخاف من جر الحبل) فالامر لا يتعدي تجريب المجرب و (اللعب بالبيضة والحجر) ووضع (أعواد الثقاب جوار البنزين) فبالتأكيد ستكون حينها النتائج كارثية ووخيمة ويصعب الأسف حينها ولا ينفع الندم.