رأي

((همس الحروف) .. القرصنة بإسم القانون و تحت حماية الدولة)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم على

الحلقة الخامسة

في الحلقة السابقة توقفنا عندما تم تهشيم نوافذ السيارات بأوامر ضابط الشرطة أيمن المنتدب حالياً في جهة أستخباراتية تتبع إلى جهة نظامية و الذي لم يسأل عن مفاتيحها بالرغم من أن صاحبها (ن . ع .أ) كان موجوداً على هاتف أحد جيرانه في العمارة التي يسكن فيها و كان كثير الترجي في طلب الحديث مع أي فرد من أفراد هذه المجموعة الغاشمة إلا أن سعادة قائد هذا السرب رفض الحديث معه البته بالرغم من كثرة الإستجداءات والإلحاح الشديدين الذين لم يحركا ساكناً في أي فرد منهم ، إنها لحظات كانت عصيبة على أي إنسان يسمع أو يرى نهب حقه بهكذا صورة ، و كذلك كان قاسياً على كل الحضور الذين تذوقوا معاني الإغتصاب الذي يتم به أخذ الحقوق عنوة بدون مسوقات قانونية أو رادع أخلاقي لم يراعي أي حق إنساني أو عرف مجتمعي ، و ما زال يستغيث عبر سماعة الهاتف و يقول بأعلى صوته أوقفوهم فهم لصوص و سرقة ، و كل ذلك الإجتهاد في الإلحاح من هذا الرجل المكلوم كان من أجل حماية حقوقه وخصوصاً المغتنيات لأنها كانت تشكل معاملات تجارية مع بعض الشركات التي كان يتعامل معها ، و لكن وسط هذا الضجيج تم رفع ال(3) سيارات على ظهور السحابات التي رافقتهم و هي تحوى بداخلها على تلك المغتنيات الثمينة التي تقدر بحوالي 60 ألف يورو و غادروا إلى جهة غير معلومة .

لقد ظل هذا الرجل المكلوم طوال ليلته و عيناه مفتوحتان تنظران إلى سقف الغرفة التي كانت مخصصة له و عقله يتأرجح ما بين تصديق ما حدث له و تكذيب ذلك ، و الشمس قد بدأت ترسل خيوط أشعتها الذهبية شيئاً فشيئاً حتى بزغ ضؤها كاملاً ، فهرع إلى سيارته دون أن يودع الذين كانوا معه في رحلته خارج العاصمة ، لأن ما يشغل عقله كان أكبر من أن يخطرهم برحيله الذي قصد فيه مقر سكنه بالخرطوم ليقتفي أثار سياراته ، وبينما كان يمخر عباب الطريق بسرعة جنونية لأجل اللحاق بأي أثر يوصله إلى حقه الذي تم إغتصابه منه عنوة و بدون وجه حق ، فكان في تلك الأثناء يسترجع بذاكرته شريط أحداث كل ما جرى له ليلة أمس و ما صاحبها من إستجداءات و إلحاحات مميتة لم يتعود على مثلها قط في حياته من قبل مع اي فرد كائن من كان و كل ذلك كان من أجل الحديث مع أي فرد من تلك المجموعة الغاشمة التي تدعى القانونية و هي بعيدة عن هذا الإدعاء ، فقط كان يريد أن يتعرف على هويتهم و مصدرهم و لكنه لم يصادف عندهم آذان صاغيه .

فبعد أن وصل داره لم يصل إلى مبتغاه فتواصل مع لجنة إزالة التمكين التي نفت له تماماً علاقتها بالأمر ، فهرع إلى نيابة عمر المختار بحي الواحة كوبر بالخرطوم جنوب غرب مسجد النور بكافوري لكون أنها النيابة ذات الإختصاص المكاني لموقع الحادثة التي دارت بكل تفاصيها القبحة في الركن الشمالي الشرقي من مربع 6 بحي كافوري ، الذي تقابله من الناحية الشمالية طلمبة بترول أمان و سكن محطة كهرباء بحري الحرارية بمنطقة الصناعات بحري ، فدلف الرجل (ن . ع. أ) منزعجاً و مستجداً بوكيل نيابة عمر المختار حيث بدأ يسرد عليه وقائع قصته المؤلمة و المؤسفة التي قهرت شهود عيانها ، فأظهرت حيثيات هذه الواقعة درجة عميقة من الإستياء و القهر وكثير علامات الدهشة و الإستفام التي بدأت على ملامح وجه وكيل النيابة من هول ما قد سمع من سرد غريب و عجيب ، و كما لم يستطع الشاكي تحديد هوية المتهم و لذلك تم تسجيل البلاع ضد مجهول تحت المادة 175 من القانون الجنائي لسنة 1991 (النهب المسلح) .

فبعد ذلك تحول البلاغ الى مركز شرطة كافوري الذين كان لهم علم مسبق من واقع يومياتهم عن دورية النجدة التي عادت من مكان الحادثة بخفي حنين ، ولكون أن هذا البلاغ يعتبر من البلاغات الخطيرة جداّ فقد وجد إهتماماً كان واضحاً من التحركات على مستوى شرطة ولاية الخرطوم فتحركت على خلفيته شعبة المباحث الفدرالية فرع بحري و قد قامت بإستدعاء الشاكي والتحري معه و من خلال التحري وردت معلومة كانت في غاية الأهمية حيث ظهرت إفادات أوضحت أن هنالك سحاباً تجارياً شارك في عملية حمل السيارات و بالإرشاد توصلوا إليه خلال زمن قياسي جداً ، وهذا يعد إنحازاً كبيراً يصب في موازين شعبة مباحث محلية بحري ، و بعد ذلك تم إقتياد سائق هذا السحاب إلى مكاتب المباحث للتحري معه و بعد ذلك قام بأرشادهم الي المكان الذي تم فيه إنزال السيارات ، فكانت الدهشة و التعجب و الإسفهام تملأ المكان حيث قادهم إلى حي المنشية جوار إدارة شركة إم تي أن من الناحية الشمالية و كانت المفاجأ الكبرى تنتظر الجميع بأن هذه السيارات الثلاثة تقف في مواقف سيارات إستخبارات (الدعم السريع) .

ما سنتعرف عليه في الحلقة القادمة إن شاء الله ، ما هو مدى قانونية ما قامت به إستخبارات الدعم السريع في هذه القضية غريبة الأطوار التي إستفزت معظم سكان مربع 6 بكافوري وخصوصاً الجيران الذين فقدوا الثقة في كل الأجهزة النظامية من جراء ما حدث أمامهم من إنتهاكات .. و سؤالنا لماذا تمت هذه الإجراءت بهذا التعسف الجاف الذي كان واضحاً من سلوك الضابط أيمن ؟ وما هي المسوقات القانونية التي صاحب هذه الحادثة ؟ .

زر الذهاب إلى الأعلى