رأي

((همس الحروف) .. أدركوا الفجيعة التي اتى بها وزير الطاقة)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم علي

ضيق الأفق الناتج عن قصر بصر و بصيرة بعض متخذي القرارات المصيرية في هذه الحكومة ساق إلى انكماش المساحات التي يمكن رؤيتها بوضوح ، و تعود ضبابية هذه الرؤية لتبني البعض منهم أفكاراً و شطحات تعبر عن سلوكهم الشخصي دون دراسة وافية أو مشورة كافية و لهذا يصاحب نتائج تلك الأفكار فشل ذريع يعطل قطار التغيير ، و لأنها لم تُقتل بحثاً قبل خروجها من مكاتبهم لتكون قرارا نافذاًً يدخل حيز التنفيذ و يفرض على أفراد هذا الشعب المغلوب على أمره ، و الذي لا يوجد في جسمه مكاناً يخلو من ضربة أو طعنة نتجت من فقدان الأمل الذي ٍ كان معقوداً على هذه النخب الحاكمة ، و الذين تعجز بصائرهم عن الرؤية حينما يفكرون في معالجة بعض الإشكالات التي تمر بها الوزارات التي يجلسون على كراسيها كمعالجة البصيرة (أم حمد) لقضاياها ، التي ضل سعيها وكانت تحسب أنها تحسن صنعاً ، إذ نجدهم لا يحسبون أثر وقع قنابلهم النووية و تجاربهم الذرية على هذا الشعب ، وذلك لأنهم يغلب عليهم ضيق الأفق و تنحصر نظراتهم للحلول في إطار محدود جداً و ضيق ، و أحادي الجانب و هذا هو مربط الفرس الذي غيب عنهم رؤية الصورة الشمولية للأوضاع بصورة مجملة ، و سيجر ذلك إلى الفشل ، لأن مجمل هذه المعطيات التي تم الأخذ بها حرمتهم من التشخيص الدقيق للمشكلة المحددة بعينها و التي لم يدرس حساب حلولها وفق قرآة متأنية ، مع إهمال الإسقاطات السلبية التي تقع على الآخرين ، و ذلك نتيجة إنغلاق أبصارهم في مكان محصور ، و عدم الإكتراث للنتائج ، مع عدم وضع الإعتبار لظروف الشعب التي من أجلها قامت هذه الثورة ، وكل هذه المعطيات ما زالت متوفرة أمامهم ، مع علمهم التام بأن لهذا الشعب غضبة لن ترحم كل من وضع له المتاريس أمام تقدم أطفاله و سيكافئ حينها كل مسؤول بما يستحق ، و بغض النظر عن سلبيات أو إيجابيات هذا المشهد الذي يتوقع حدوثه بشكل مباشر أو غير مباشر ، سوف يتبع ذلك كثير من السلبيات التي تنعقد عندها الكارثة .

الشعب ما زال يقع تحت تأثير تخدير نتائج الضربات المتلاحقة على رأسه و التي لم يفق منها بعد ، و المسؤولون ما زالوا منغمسين في تجاربهم التي يقومون بإجرائها عليه بدون رحمة و كأنهم فئران مختبرات ، دون ان يكلفوا أنفسهم عناء رؤية ما وراء الأكمة ، مما يجردهم ذلك القدرة على الرؤية الثاقبة ، ومن ثم يُمكنهم من فهم ما هو أبعد من أطراف أصابعهم ، وهذا هو الشيئ الذي يحجب عنهم التفكير الممتد بما لا يسمح لهم من الرؤية العامة للأمور على غرار تلك الحدود الضيقة و المغلقة التي لا تتجاوز المكان والزمان الذي يقفون عنده ، لأنهم تسمروا في المربع الأول وهم لا يشعرون بذلك .

في إنابة غريبة من نوعها يتحدث الى الشعب وزير الطاقة بلسان وزيرة المالية و هي صاحبة الإختصاص في هذا الشأن ، ليبرر أسباب تلك الزيادات في كلمات باهته وصفراء وذلك كمسألة (الجس بعد الذبح) والذي لا طائل من تبريره لها ، لأن هذه الزيادات قد دخلت حيز التنفيذ ، و يقول في معرص حديثه المستفيض ، الذي سوف أعرض عليكم جزءً منه و الذي يقول فيه أن زيادة أسعار الكهرباء كانت هي البديل الأوحد لوزارة المالية من أجل تغطية احتياجات الكهرباء بعد عجزها عن توفير بدائل التمويل التي تغطي هذه الاحتياجات ، و التي يقر فيها بأنها تشكل العبءً الأثقل و الإكبر على المواطن السوداني .

و نجده يتحدث بكل برود مدغدغاً بحدثه عواطف المواطنين الذين دخل عليهم بمدخل الدين ، بأن هذه الزيادات لم تشمل دور العبادة و يا ليتها شملتها وتخطت معاش الناس لأن الإنسان يتأثر بمعاشة مباشرة و يمكن أن يكون أداء الفرائض والشعائر في المساجد مرهوناً بالإستطاعة ولا ضير في ذلك ، وكما قال أيضاً أن الزراعة و صناعة الأدوية تحديداً لم يتأثرا بهذه الزيادات ناسياً أو متناسياً أن الشريحة التي لم يكن حديثه شفافاً عنها والتي يظن أن الدعم ما زال يشملها و كلامه هنا ليس بالدقيق لأن زيادة الكهرباء مثل زيادة الدولار يرتفع معها كل شيئ ، فكيف لهذا المزارع البسيط الذي يتم خداعه بهذه العبارات الطنانة والرنانة أن الكهرباء لم تشمل القطاع الزراعي والصناعي ، و لكن ما شمل القطاع التجاري سيؤثر سلباً على معاش هذا المزارع المسكين والذي سوف ترتفع معه كذلك كل إجور العاملين في هذا القطاع الحيوي ، فكيف ستكون ردة فعل التجار مقابل هذه الزيادات ، فحينما يقومون بشراء ال 30 كيلو وات بخمسمائة جنيه فكيف لهم أن يلتزموا بالأسعار القديمة التي سيقع أثرها مباشرة على هذا المواطن البسيط ، وكيف لاصحاب الصيدليات أن يلتزموا و هم يدفعون فاتورة التكيف اللازم لصيدلياتهم والتي قد يصل إستهلاك المكيف الواحد فيها الى 300 كيلواط ساعة وذلك ما يعادل 5000 جنيه في اليوم الواحد ، و كذلك كيف سيقع تأثير ذلك علي الشريحة المنهكة و التي يقول عنها وزير الطاقة أن الزيادة لم تشملهم وما حصل ليس بالحجم كما هو مروج عنها في الوسائط والتي يدعي فيها بأن اعلى شريحة مدعومة ستدفع مبلغ 760 جنيه لشراء 600 كيلواط ساعة ، و يقول متهكماً على ذلك أن هذا المبلغ الزهيد ربما يوازي تكلفة فاتورة تلفون أحد أفراد الأسرة الواحدة ، كما إستعرض أن الأسرة التي تليها سوف تدفع مبلغ 440 جنيها مقابل 400 كيلواط ساعة ، و الأكثر فقراً وأقل إستهلاكاً ستدفع 200 جنيه مقابل 180 كيلواط ساعة ، وعلق ساخراً على هذا المبلغ بأنه ما يزال اقل من سعر حجر بطارية واحد ، ولكن كان يجب على سعادة الوزير أن يعلم بأن كل هذه الشرائح التي ذكرها ظناً منه أنه من الداعمين لها فقد هزمها بالزيادة التي ستطالهم بصورة غير مباشرة، والتي ستعحز عن مجاراة هذه الزيادات التي سيقابلها التجار وأصحاب الصناعات و الورش و البقالات التي تحتوي على عدد مقدر من الثلاجات و أجهزة التكييف ، فهل يا سعادة الوزير إستصحبت كل هذه الإشكالات في هذا القرار الأهوج و الغير مدروس و الذي سوف يشكل قنبلة موقوته سوف تنسف كل جميل نتج عن شطب إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، ولهذا يجب على قيادة الدولة تثبيت هذا القرار و إيقاف تفعيله مع معالجة هذا الأمر قبل أن يستفحل ويقع الفأس على الرأس و يعض النخب و أصحاب هذه القرارات على أناملهم ندماً بما فرطوا و أسفاً على ما تحدوا به هذا الشعب المعلم .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى