مُبادرة سعد الخير .. رجل أعمال آمن أن الخير لا يُبنى إلا على أرض صلبة، وشاب حمل الأمانة ليتحول الحلم إلى إنجاز

تقرير: الوطن
في خضم الأزمات التي عصفت بالسودان، وبعد أن أنهكت الحروب كاهل الأسر وأثقلت الغلاء والمعاناة صدور المواطنين، برز رجل الأعمال الأستاذ /سعد بابكر أحمد محمد نور .. المدير العام لمجموعة تاركو ليطلق مبادرة خيرية رائدة حملت اسم “سعد الخير”.
مبادرة لم تقف عند حدود الإغاثة المؤقتة أو الدعم الجزئي، بل تحولت إلى مشروع متكامل لإعادة بناء الحياة في مدينة بحري، وخصوصاً شمبات، ومن ثم امتدت لتشمل مناطق أخرى داخل وخارج السودان.
هذه المبادرة، التي استلهمت رسالتها من حاجات الناس البسيطة، وجعلت الماء والغذاء والتعليم والصحة والإنارة والتشجير في صدارة أولوياتها، كانت أشبه بفسحة أمل وسط ركام المعاناة.
لكنها ولئن ارتبطت باسم سعد بابكر ، فقد تجسدت على الأرض بفضل سواعد رجال مخلصين، كان في مقدمتهم الشاب بدر الدين تاج الدين، المدير التنفيذي للمشاريع، الذي تحوّل إلى “رجل الميدان” الذي لا يهدأ حتى يرى المشروع وقد أضحى واقعاً.

الماء.. شريان البداية
اختارت مبادرة “سعد الخير” أن تبدأ من الأساسيات: الماء. فكان برنامج “السقيا” أولى الخطوات، حيث حُفر ما مجموعه 20 بئراً ارتوازياً؛ منها 16 داخل السودان، و4 في معسكرات اللاجئين السودانيين في أوغندا.
كان مشروع سقيا الحاجة الروضة الطيب محمد نور والدة الأستاذ سعد ، في الحلفايا ضربة البداية. جرى تنفيذه بأحدث تكنولوجيا الحفر وبإشراف مهندسين وجيولوجيين، وربط مباشرة بالشبكة الرئيسية.

زُوّد المشروع بمنظومة طاقة شمسية وأحاطته أشجار النخيل، ليكون نواة لعطاء امتد لاحقاً إلى شمبات وغيرها من أحياء بحري.
وفي شمبات نفسها، توالت مشاريع السقيا التي حملت أسماء والده وذاته، فغُرست النخيل، وأضيئت المساجد، وزُوّدت الشوارع بالحياة من جديد.
من الماء إلى التنمية
لم تقف “سعد الخير” عند حدود الماء، بل توسعت لتشمل مشاريع:
• التشجير والإنارة: أكثر من 50 ألف شتلة مثمرة غُرست في شوارع وحدائق شمبات، إلى جانب إنارة الشوارع والمساجد بكشافات طاقة شمسية.

• الصحة: صيانة مركز شمبات الجنوبية، تنظيم قوافل أدوية، وتنفيذ حملات رش ضد الملاريا وحمى الضنك.
• التعليم: صيانة المدارس، دعم بيئتها بالزراعة والتشجير، وتكفّل بترحيل طلاب الشهادة.
• المساجد والروحانيات: توزيع أكثر من 10 آلاف مصحف، دعم حلقات التلاوة، وتوفير الأكفان والتكايا.
بدر الدين تاج الدين.. رجل الميدان

في قلب كل هذه الجهود يقف اسم شاب من أبناء شمبات: الأستاذ /بدر الدين تاج الدين.
الذي وُلد في الكدرو عام 1990، وتلقى تعليمه في مدارس بحري، قبل أن يتخرج في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا تخصص تقنية المعلومات. يعمل ضابط حركة جوية في شركة تاركو، لكنه في مشاريع “سعد الخير” حمل على عاتقه مهمة أخرى و هي الإشراف التنفيذي على كل صغيرة وكبيرة.
لم يكن بدر الدين مجرّد إداري، بل كان حاضراً على الأرض يراقب مواقع الحفر، يتابع عمل الجيولوجيين، يقف على إنزال الطلمبات، ويحرص أن تصل المياه إلى بيوت الناس.
كان يتنقّل بين المشاريع من الحلفايا إلى شمبات، من المقابر إلى المساجد، ليضمن أن الفكرة لا تبقى على الورق، بل تتحول إلى خدمة يستفيد منها الناس.
زملاؤه يصفونه بأنه شغوف بالعمل، صبور في التفاصيل، وقادر على تحريك الفرق بخفة وهدوء. كان يعرف أن كل بئر تعني حياة مئات الأسر، وأن كل نخلة تُزرع اليوم ستظلل أجيال الغد.
رؤية تتكامل بين القائد والميدان
نجاح “سعد الخير” لم يكن ليكتمل لولا هذا التكامل بين رؤية رجل الأعمال سعد بابكر الذي وفّر التمويل والدعم والرؤية الاستراتيجية، وبين عمل رجل الميدان بدر الدين تاج الدين الذي جسّد تلك الرؤية في واقع معاش.
فالعطاء لا يُقاس بما يُعلن في المؤتمرات أو يُكتب في الصحف فقط، بل بما يعيشه الناس في حياتهم اليومية ماء نقي، شارع مضاء، مسجد معمور، مدرسة صالحة للتعليم، وبيئة خضراء تتنفس الأمل.
أثر يمتد
اليوم، حين تسير في شوارع شمبات، وتلمح النخيل الباسق على جانبي الطرق، أو ترى الأطفال يملؤون أوعيتهم بالمياه ، أو تسمع صوت الأذان يصدح من المساجد ، تدرك أن “سعد الخير” ليست مجرد مبادرة عابرة، إنما بصمة باقية.
وفي قلب هذه البصمة، يظل اسم بدر الدين تاج الدين محفوراً بصفته “رجل الميدان” الذي أعاد تعريف دور الشباب ،ليس بالخطابات ولا بالشعارات، بل بالعمل، بالحضور، وبالقدرة على تحويل الفكرة إلى حياة.

إن مبادرة “سعد الخير” ليست مجرد صفحة في كتاب العطاء السوداني، بل قصة متكاملة عن كيف يمكن للرؤية الصادقة أن تتحول إلى واقع إذا وجدت رجالاً مخلصين. كان سعد بابكر صاحب المبادرة والتمويل، وكان بدر الدين تاج الدين اليد الأمينة التي وضعت اللبنات على الأرض.
وهكذا، فإن قصة “سعد الخير” ليست عن رجل واحد، بل عن تآزر أجيال ،رجل أعمال آمن أن الخير لا يُبنى إلا على أرض صلبة، وشاب حمل الأمانة فحوّل الحلم إلى إنجاز.


