جنى النيمة

بقلم / علاءالدين يوسف سيداحمد
صحافي الغفلة .. تبّاً
لم تعد الصحافة كما كانت، ولم تعد صاحبة الجلالة تتباهى بأبنائها كما في الزمن الجميل، بل أصبحت مأوى للفاشلين، وملاذاً لكل من ضاقت به السُبل، فعزم على أن يطرق بابها لا حباً في الحقيقة، ولا شغفاً بالكلمة، بل لأن لا باب آخر فُتح له.
في زمن الزلازل والعواصف التي ضربت بلاط صاحبة الجلالة، سقطت الأسوار، وتكسر القلم، وانهارت معايير المهنة كما ينهار جدار قديم تقادم عليه الزمن. فمن لم يصمد موظفاً، ولم يجد له طريقاً في الحياة، قرر أن يكون “صحفياً”، ارتدى قميص النقد، وصار يمطر الناس بآرائه السطحية عبر منشور هنا أو “بوست” هناك.
ظهر علينا من يسمي نفسه “ملاسي”. رجلٌ لا تعرف له هوية صحفية، ولا تلمح في لغته موهبة، ولا ترى في طرحه قيمة. أكبر مقالاته لم تتجاوز ثلاثة أسطر، كتبت على عجل، وخطّت على استحياء، وخُيّل إليه أن الدنيا قد وقفت لها مصفقة.
هل يعقل أن تُختزل الصحافة في عبارات فيسبوكية؟ وهل يجوز أن يلبس ثوب الصحفي من لم يتدرب، ولم يقرأ، ولم يمارس؟
صحفي الغفلة لا يعرف من المهنة غير عنوانها، ولا يحمل من أدواتها سوى وهم الشهرة، وسرعة النشر، وتصيد الأحداث كالصياد الأعمى.
يا هذا، ليس كل من حمل القلم يسمى صحفياً ولا كل من كتب سطراً صار له شأن، فالأقلام كالسيوف، لا تُحمل إلا بمهارة، ولا تُستخدم إلا بشرف.
والأدهى أن بعضهم، حين تنتقده، يظن نفسه حصنًا لا يُمس، وأن مجرد طرحه لرأي .. مهما كان ساذجاً .. يُعدّ بطولة، ويستحق الثناء.
يا “ملاسي” وأشباهه،
الصحافة ليست لكم، ولن تكون. فأنتم طارئون، غرباء على المهنة، ومجرد عارض زائل في مشهد ننتظر تطهيره.
وصدق القائل: “من لم يُخلق للحق، تجده في أول الطريق كاذبًا.


