رأي

للعطر افتضاح

للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
فلنقايات الجنجويد.. لقصعةٍ وثريد!

  • طالعنا مقالاً هزيلاً لكاتبه بابكر فيصل؛ رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي، بعنوان (مفاوضات جدة القادمة.. داحس والغبراء أم بشائر السلام)، تطرق فيه الكاتب (إذا صح الوصف) إلى ما أسماه (موقفين متضاربين تتبناهما قيادة الجيش تجاه قضية استمرار الحرب والحل السلمي).
  • عكف بابكر كعادته (وكعادة كل قادة ورموز قحت وتقدم) إلى دمغ الجيش بالوقوع في براثن الحركة الإسلامية، زاعماً أن قادته يسعون إلى الفكاك من قبضة الإسلاميين بصناعة حواضن سياسية بديلة، تمنحهم سنداً جماهيرياً بمعزل عن تأثير الكيزان.
  • هنا يتماهى خطابه كالعادة مع خطاب المتمردين، ويتطابقان بوقع الحافر على الحافر، ولا غرابة، فذاك ديدنه وديدن كل رفاقه في قحت (ومريم الأخرى) منذ بداية الحرب التي كان بابكر فيصل أحد أبرز قارعي طبولها، ومن أوائل الذين أوعدوا الشعب السوداني بويلاتها ونيرانها، قبل أن تندلع فعلياً ويدير صاحبنا ظهره مع رفاقه لملايين السودانيين، ويولوا وجوههم شطر المَهاجر مصطّفين إلى جانب الجنجويد، بالتغاضي عن جرائمهم المنكرة، وتبني مواقفهم ورواياتهم الرامية إلى التهرب من تهمة إشعال الحرب على ملايين السودانيين.
  • نذكر ابتداءً أن حليف الجنجويد بابكر فيصل ظل يكتب مقالاً واحداً، ويعكف على اجترار فكرته الساذجة الفطيرة بطريقة مملة عدة سنوات، مردداً إياه بلا ملل حتى عندما كان يعمل في صحف الكيزان وتحت كنفهم وفي رعايتهم.. مترجماً خامل السيرة، ضعيف القدرات.
    *وضح أن كاتب المقال الركيك ما زال يطارد خيالاته المريضة ويمارس أحلام اليقظة، ويتوهم (كغيره من داعمي الجنجويد وحلفائهم) أن التفاوض المقترح في جدة يمكن أن يثمر اتفاقاً يحفظ لحميدتي وعصابته المجرمة امتيازاتهم القديمة، وسلطانهم الزائل، كي يعودوا هم إلى مقاعد السلطة (صُحبة راكب)؛ ويستأنفوا فشلهم المقيم وفسادهم القديم عبر فوهات البنادق المجرمة، باتفاقٍ إطاري جديد يفرضه المجتمع الدولي على أهل السودان، وهيهات.
  • تلك أحلام زلوط، لا مكان لها على أرض الواقع مطلقاً!
  • غالب بِنية المقال الضعيف الركيك منقولة (copy and paste) من أخبار نشرتها صحف ومواقع إلكترونية، إذ لا يوجد فيه تحليل عميق ولا قراءة سياسية ناضجة، علاوةً على أن الكاتب (أو الناقل على الأصح)؛ تغافل عمداً عن التطرق إلى دور المرتزقة وداعميهم في تسعير الحرب، ليصوِّر مليشيات الدعم الصريع المجرمة في هيئة القوة المحبة للسلام والساعية إليه، خلافاً للجيش، مع أن تلك المليشيات صعدّت حربها الغاشمة على المدنيين في مناطق تخلو من أي وجود للجيش، وأوسعتهم تقتيلاً وترويعاً واغتصاباً وسلباً ونهباً وتهجيراً على مدى عامٍ كامل، بما يؤكد إجرامها وعدم رغبتها في السلام أصلاً.
  • لم يأت الكاتب على ذكر الجرائم المروعة التي ارتكبها الجنجويد ولم يحسبها على مرتكبيها، ولم يضعها في خانة تسعير الحرب، مثلما لم يذكر الكفلاء الداعمين للمرتزقة مطلقاً، ولم يورد أنهم كانوا وما يزالون الأنشط في قتل أهل السودان، والأحرص على استمرار الحرب وتصعيد وتيرتها وتسعير نيرانها، بإصرارهم على إمداد المتمردين بالمال والسلاح والعتاد الحربي عبر جسر جوي أثبتته كبريات الصحف ووسائل الأنباء العالمية، وأكده تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة.. لكن الفم الممتلئ بالمياه الآسنة لا يأتي على ذكر الجنجويد، ولا يجرؤ على انتقاد الكفيل.
  • لسنا بحاجة إلى السؤال عن مسببات تغاضي بابكر فيصل ورفاقه (قادة تقدم وقحت) عن الإشارة إلى الدور الذي تلعبه بعض الدول في تصعيد الحرب وإطالة أمدها وتضخيم كلفتها على المدنيين العُزّل، وعن مسوغات عدم مطالبتهم لتلك الدول (وفي مقدمتها الإمارات) بأن تكف يدها عن التدخل في الشأن السوداني، ولماذا لا يرفعون شعارهم الكذوب (لا للحرب) في وجهها، لتمام علمنا بالأسباب المؤدية إلى ذلك الصمت الجبان، لأن من نسألهم لا يستطيعون أن يأتوا على سيرة كفلائهم وكفلاء الجنجويد مطلقاً.. والأسباب معلومة للكافة!
  • اتهام (تقدم) بالانحياز للمليشيات لم يصدر عن قادة الجيش وداعميه فحسب، بل صدر بنيران صديقة، انطلقت من داخل الصندوق، ووردت في المذكرة التي رفعها حزب الأمة القومي (أكبر أحزاب تقدم بلا منازع)؛ عندما أشار في مذكرته الإصلاحية الشهيرة إلى انحياز (تقدم) إلى المرتزقة، وعاب عليها إقدامها على إبرام اتفاق سياسي معهم، لم يزد الجنجويد إلا إمعاناً في قتل المدنيين وتهجيرهم وإيذائهم واغتصاب نسائهم وسلب ممتلكاتهم.
  • الاتهام ذاته صدر لاحقاً عن المكتب القيادي للتجمع الاتحادي، بنيران صديقة انطلقت من داخل الصندوق للمرة الثانية، عندما اتهم (تقدم) بتبني مواقف متمردي الدعم السريع، وعاب عليها عدم حيادها وسعيها إلى إضفاء شرعية زائفة على المليشيات ومنحها حصانةً من المحاسبة على جرائمها المنكرة وانتهاكاتها غير المسبوقة، فهل يُلام خصوم (تقدم) إذا تبنوا اتهاماتٍ أطلقتها الأحزاب المكونة

(لتقدم).. على (تقدم)؟

  • بابكر فيصل نفسه مُتهم مع بقية رفاقه من جنجويد التجمع الاتحادي (بقيادة ود الفكي وجعفر حسن وآخرين) باختطاف الحزب وتهميش مكتبه القيادي وتجاوز النظم التي تحكم عمل التجمع وتجييره لصالح المتمردين، بمواقف خائبة تنضح بالعمالة والخيانة، أثارت حفيظة معظم الأشقاء الساعين إلى استعادة التجمع من قبضة الجنجويد الجدد.
  • يقع على عاتق قادة التجمع الاتحادي الاجتهاد لتصويب الأوضاع المختلة داخل كيانهم، ومحاسبة جنجويد المكتب التنفيذي على الجرائم التي ارتكبوها في حق التجمع نفسه أولاً والشعب السوداني كله ثانياً، بتحالفهم الجبان مع الجنجويد وكفلائهم وكفلاء (تقدم).
  • على بابكر فيصل ورفيقيه (مهرج الفترة الانتقالية) جعفر حسن وود الفكي (المدافع الأول عن الجنجويد والرافض لفكرة حلهم والمطالب ببقائهم) أن يختشوا ويخجلوا ويتذكروا أن التاريخ لا يرحم، وأن الشعب السوداني لن يسامح ولن يغفر لمن ازدروه وتنكروا له وتحالفوا مع القتلة وصمتوا عن الجرائم غير المسبوقة والانتهاكات المروعة التي ارتكبتها المليشيات المجرمة في حق ملايين السودانيين، على مدى عامٍ كامل من الإجرام والخيانة والعمالة المعلنة والتحالف القميء والقذر مع مليشيات القتل وكفلائها.. ممن لا يجرؤ فلنقايات الجنجويد على لومهم أو الإشارة إليهم أو طرق سيرتهم مطلقاً.
  • صدق من قال: (خلق الله للحروب رجالاً.. ورجالاً لقصعةٍ وثريد)!
زر الذهاب إلى الأعلى