((همس الحروف) .. لماذا تأخرت يا سعادة حمدوك ؟)
☘️🌹☘️
✍️ الباقر عبد القيوم علي
تقول الحكمة : (أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي) فمنذ أن تقلد السيد القراى مقاليد إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم في إكتوبر 2019 م بدأت كثير من أصوات الإسلاميين تنادي بعزل هذا الرجل قبل أن يبتدئ و ذلك لتقاطع معتقداتهم و أفكارهم معه ، ولقد قمت بإنتقاد هذه الحملة الشرسه التي كانت موجهة ضده في عدة مقالات ، و لكن في نفس الوقت كنت ناصحاً له في كل ما كتبت و عبر بعض أصدقائي الذين يعملون معه في إدارته بأن يسلك في هذا العمل الجبار المنهجية العلمية و خبراته التخصصية التي يحملها في دراسة ما تحتاجه هذه المناهج الهشة و الضعيفة التي كانت و مازالت ملأة بطرهات ما أنزل الله بها من سلطان مع ضعفها الذي كان واضحاً في طلاب المدارس الثانوية الذين لا يحسن أغلبهم الكتابة والقرآة و كما لا يجيدون الحديث باللغة العربية و الإنجليزية ، و أن يبعد تمام البعد عن ما يثير سخط الناس عليه ، و أن يتقيد بمهنيته و ألا يتدخل في أي شيئ يمكن أن يؤلب الناس ضده و خصوصاً في (الثوابت) التي قد تخلق خميرة عكننه تقود الى مواضيع جدل واسعة إذا ما تعرض إليها ، وذلك حسب ما يتحدث به الرجل في المنابر العامة ، وخصوصاً أن أقواله قد سبقت أفعاله ، و كما نجده تدخل برأيه في بعض الثوابت التي تخالف ما يسير به الشعب ، و تحدث كثيراً في مواضيع ما كان له أن يخوض فيها لأن ذلك سوف يفتح عليه أبواب جدل واسعة يصعب عليه سدها ، و هذا ماجلب له العداء الصريح الذي فتح شهية الذين يختلفون معه و يقفون ضد منهجه بالرغم أنه يعد من أكثر المؤهلين أكاديمياً لهذا المنصب الحساس
لقد إستمرت تلك الأصوات في العلو معترضة طريق هذا الرجل قبل إنطلاق صافرة البداية ، ولم يكن السير في هذا الطريق هيناً له لأنه كان مليئاً بالأشواك ، و لأن (صوته) كان عالياً في سبق (جده) وخصوصاً أنه أدخل نفسه في موضع تحد للبعض الذين إستصرخوا ضده بأعلى أصواتهم و إستنصروا بعموم الشعب و لجأوا لمجلسي السيادة و الوزراء من أجل وقف مسيرته في ذلك الوقت ، وكان كل ذلك تحت مرأى ومسمع السيد دولة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أغفل النظر عن تلك الإنتقادات العنيفة التي و جهها الناس للقراي إذ أن سعادة حمدوك لم يلتفت إليها أبداً ، و كان من الممكن أن يسدي إليه النصح مباشرة أو عبر وزير التربية و لكنه لم يفعل ذلك و التزم الصمت ، وكما لم يقم بتكليف أي لجنة متخصصه كما فعل الآن لمراجعة ما إعترض عليه الناس قبل أن يدخل المنهج الطباعة ، وإستمر الحال هكذا حتى تحول أمر هذه القضية المنهجية إلى قضية سياسية من الدرجة الأولى تناطح فيها انصار الحكومة مع كل من يعارضها إلى أن خسرت الدولة والمواطن المغلوب على أمره و من قوت أولاده الي ما يربو من ال 5 مليون دولار في طباعة هذه المناهج التي أثارت هذه الهالة الواسعة من الجدل ، و التي إنتهت بتجميدها مع تكوين لجنة قومية أخرى بغرض المراجعة و إعداد منهج يتوافق عليه الناس .
كل أفراد الشعب السوداني يصبون إلى مناهج تفي بالغرض المطلوب من المسألة التعليمية بعيداً من الغرض الشخصي أو الجماعي أو الأيدولجي ، ومستعدون لدفع الغالي والنفيس من أجل تعليم أبنائهم و كذلك نحن نعلم جميعنا أن هنالك علل كثيرة في المناهج السابقة التي لا تخلو من الموجهات السالبة التي تخدم أغراض محدده مع إهمال تام لأساسيات المنهج وهذا ما يتضح جلياً من خلال ذلك السؤال المحرج الذي ورد في إمتحان الشهاده السودانية بمادة التربية الإسلامية للصف الثالث الثانوي الذي غيب دور المرأة الراشدة تماماً في حفظ نفسها وتركها عبارة أداة ولعبة في يد الرجل و ليس لها حق في تقرير مصيرها في ممارستها للأمور الحياتية حسب نص السؤال الذي كشف وقاحة المنهح والذي يقول : (ما هو الحكم حينما يطأ الرجل إمرأة طناً منه إنها زوجته) ؟ و هذا السؤال يقود إلى أن المرأة عبارة عن حيوان أو جماد لا تمتلك الإحساس أو قرار نفسها ليطأها أي رجل وقت ما يشاء دون أن يكون لها رأي في ما يفعل معها من فحش مغلظ ، وهذا السؤال يفتح شهية المتفسقين و يقود لرفع الحرج عن أي ممارسة سالبة تقع فيها الأنثى ، لأن التبرير يعتبر جاهزاّّّّ لأنه يرفع الشبهة عن المرأة ويكون محسوباً على ظن الرجل الذي وقّع عليها .
و لهذا يجب أن نتدخل في نص الحكمة القائل : ( أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتى) و خصوصاً في حالة ما قام به السيد دولة رئيس الوزراء الذي قام بتجميد العمل بهذه المناهج ، و نقول له (ليتك) لم تأتي لأن تدخلك المتأخر قد كلف الشعب خسائر فادحة ذهبت في طباعة المنهج و سيدفعها الشعب السوداني من عزيز دمه ومن قوت أولاده ، و لماذ لم تتدخل منذ بداية إعترض الناس على ذلك قبل هذه الخسائر التي لا تسمح ظروف الشعب بتحملها إذا كان من الأصل عندك رأي سالب في هذا المنهج ؟ ، و إين كنت قبل ذلك يا سعادة دولة رئيس الوزراء ؟ ، فما أراه من حل يمكن أن يجبر الضرر و يوفر هذه المبالغ الطائلة التي تم هدرها في الطباعة ، يجب على الجهات المختصة أن تقوم بتمزيق تلك الصفحات التي تحمل صورة لوحة مايكل أنجلو ، و إبعادها من هذا الدرس على أن يتم إبقاء السيد القراي في موقعه مع إسناده بلجنة قومية متخصصة في المناهج و كما يجب على السيد القراي أن يلتزم الصمت و خصوصاً في كل ما لا يعنينا في أمر المناهج ، و أن يبتعد الجميع من محاولة زج خلافتهم الأيدلوجية في هذا الأمر الذي يخص عموم أهل السودان .