رأي

((همس الحروفد) .. وداعاً أخي عمر أحمد وقيع الله)

☘️🌹☘️

✍️ الباقر عبد القيوم على

ويتوالى رحيل الصفوة والأخيار القسري بدون إستئذان أو سابق إعلان و لكن ما يطمئننا أن وجهة من فارقنا اليوم لم تضل طريقها حسب الوعد الى لقاء الرحيم الرحمن في أعالي الجنان إينما يكون الشهداء عند ربهم أحياءً غير أموات ، و هكذا نحسبه و الله أحسن الحاسبين إلا يخيب ظننا في ذلك ، و دائماً يكون فراق الأحبة هكذا من أجل لقاء المحبوب و أصحابه عند ذلك الحوض الذي إذا إغترف منه الإنسان غرفه بيده لا يظمأ بعدها أبداً ، فبعد أن تم تأكيد هذا الخبر الذي كان صعباً علينا تصديقه ، فأصبح بعده الرحيل أمراً نافذاً بقدر مقدور في هذا اليوم المحتوم الذي وجب علينا فيه أن نصبر ونحتسب حينما لبي صاحبنا نداء ربه ، و سلمنا نحن بقضاء الله و قدره حيث كان ليس لنا في ذلك خيرة في ما إختار الله ، في هذا اليوم الذي ظللته سحائب الحزن الدفين و الأسى العميق و حينما إرفعت فيه أصوات النائحين و بللت وجهنا الدموع السجية ، عندما شق الحزن صدورنا و فجعت به قلوبنا ببلوغ نبأ هذا الرحيل عندما أعلن لنا الناعي أن عمراً قد ترجل عن صهوة جواده و هو شامخاً و صابراّ و محتسباً ، فإنه كان بلا شك رمز من رموز الجهاد والفداء وإبن الدفعة 20 بقوات الشعب المسلحة و قائد من قادة الحكم المحلي بالسودان و صاحب معاجات ومبادرات عربية كثيرة قد إنتقل اليوم مفارقاً دنيانا إلى حيث الظلال التي نصبها له رفقاء دربه الذين لطالما كان قلبه معلقاً بهم كما ورد ذلك في وعد الرحمن في الذين سوف يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ، لأنه عشق إخوانه الذين تقدموا الصفوف وترجلوا عن صهوة جياد الحياة و نحن ما زلنا ننتظر الرحيل عندما يحين الأجل ، إنه كان عشقاً و حباً لم يكن إلا لله وفي الله .

أنه كان الأخ الحبيب حينما يفتقد الناس معاني حدودها في دهماء الهموم و أغوار الحياة و كان الصديق الصدوق حينما يغير الزمن القلوب وقتما تعبث أصابع المصالح الرخيصة ببرمجيات القلوب ، و كما إنه كان و ما زالت خانته مملوءة بحنين العم و الخال و الجد و لا فخر ، حيث أنه يعتبر من أعظم ضباط قوات الشعب المسلحة و من أبسل فرسان إدارات الحكم المحلي ،و صاحب ضحكة مألوفة كانت تميره حينما تخرج صادقة من قلبه لترسم لوحة من الفرح في قلوبنا بذلك الصوت الجهور الذي يلامس القلوب ، فكانت هذه أصغر الصفات التي تلازمه لتتجاوز حدود البسمة الضيقة التي كان يتصدق بها للجميع لله وفي الله ، و التي حق فيها قول الصادق المصدوق (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فأسماه بها خاصته من الأخوان والأحباء فقيل عنه أنه (عمر البسام) .

إنه الأخ الحبيب و الصديق الوفي عمر أحمد وقيع الله إبن جلاس فكانت بها المنشأ و الجزيرة و حوشها بإمتدادتها الخضراء الجميلة التي وضعت بصمتها في نفسة ذات الجمال الفطري الذي كان يشبعها ، و حيث كان هنالك بواكير متكأه في تلك الواحه التي شكلت حدود مراتع الطفولة البريئة و بعض من نشأة شبابه الأولى فزادته عطاءً فوق ما كان يتمتع به من مكارم الرجال ، و كما هو رقم مميز رغم أنف من أبى و رمز من رموز الخرطوم و وسم جميل كجمال روحه وشحت به المدينة جيدها عند حديقة القرشي ودار الهاتف ونادي الخرطوم 3 ، نعم لقد فارقنا عمر وترك خلفه سجلاً ناصعاً و عامراً و عاطراً من التفاني والتضيحات التي لا يقدمها إلا صاحب قضية ، و لقد كان رمزاّ من رموز العمل الدؤوب و العطاء و من أعظم الناس في مجاهدة النفس بالنفيس من عوالي الأخلاق و شيم العظماء و كان عنواناّ للعمل العام و النصح باللسان و القلم و كما كان رقماً تعُرف به الأنفة وعزة النفس وقتما صارت تباع القيم في سوق النخاسة ، فعرف بالرجولة والفحولة و بقوة الشخصية التي لا تعرف الإنكسار و الوضوح في عرض القضايا والنصح بغير مهابة من أحد مهما كان أو ما سيكون ، و لا يجامل في ذلك كائن من كان ، فكان سعاءً في الإصلاح و التقويم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .

كلنا نعرف أن الموت حق على الجميع و قدر محتوم علينا شئنا أم لم نشاء ، و هذه هي سنة الحياة ، و مع هذا نجد أن بعضنا من الذين ملأت قلوبهم سيول الفرح والتفاؤل كانوا يقولون ( أن فلان لا بشبه الموت) و هذا من باب عرضهم لروعة الحياة و ليس من باب إستنكار القدر ، لأنهم كانوا و ما زالوا يحبون إستمرار الحياة لصاحبهم وفق ما ورد في الدعاء المأثون : (اللهم أجعلنا من الذين طال عمرهم وحسن عملهم) ،،، اللهم أنت الذي أمرتنا بالدعاء و وعدتنا بالإجابة و أنت أحسن مسؤول ،، رجوناك أن تتقبله في زمرة الشهداء و معية الأنبياء والصدقين و حسن أولئك رفيقاً .. اللهم إنزل على قلوبنا هطل من الصبر تذهب بها ما دخل قلوبنا من فزع عندما بلغنا هذا النبأ الحزين و أن تبدلنا بذلك إيماناً يكون لنا سلواناً و ان ترزقه هو ومن سبقه من أخيار الجنة بدون عذاب أو سابق عقاب يا رب العالمين .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى