في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة :
وزراء الخارجية العرب:
: دور جماعي فاعل في مقاربة التحديات الإقليمية وحل أزمات المنطقة
: سامح شكري: مصر لم تدخر جهداً لإحياء عملية السلام
القاهرة د.ست البنات حسن
أكد وزراء الخارجية العرب أن الدول العربية كمجموعة تحت مظلة جامعة الدول العربية تدافع عن مصالح مشتركة، وعن الأمن القومي العربي، وسط التفاعلات والتطورات المختلفة على الساحة الدولية، بما يحول دون الضغوط والتدخلات من القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أجندات ومصالح تلك القوي على حساب المصالح العربية، وتسعى للحفاظ على مفهوم و منطق الدولة تامينا لوحدة الشعوب، بعيداً عن منطق الانقسام داخل المجتمعات العربية، والتأكيد على ضرورة وجود دور عربي جماعي فاعل في مقاربة التحديات الاقليمية وجهود حل الأزمات التي تعصف بالمنطقة..
جاء ذلك في ختام الاجتماع الطارئ الحضوري لوزراء الخارجية العرب الذى عُقد أمس في مقر الجامعة العربية برئاسة سامح شكرى وزير الخارجية المصري
كما أكد وزراء الخارجية العرب على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للدول العربية، والتأكيد على التزام كافة الدول العربية بدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧م، وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على ضرورة إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤.
ورحب الوزراء بقرار دولة فلسطين إجراء الانتخابات وبالتطورات الأخيرة في إطار الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، والترحيب بكل الجهود التي تبذل من أجل تأمين المصالحة الكاملة بين الفلسطينيين.
وشدد الوزراء على تمسك الدول العربية بحل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أساس القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية التي أقرت عام ٢٠٠٢ بكامل عناصرها ومبدأ الأرض مقابل السلام، واعتبار هذا الحل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، ومطالبة الجانب الإسرائيلي بالاستجابة لمبادرة السلام العربية.
وأعلنوا مواصلة الدول العربية الدفاع عن حق دولة فلسطين في السيادة على أراضيها وعاصمتها القدس الشرقية، وحماية مقدساتها، والتأكيد على أهمية دور الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، في حماية هذه المقدسات، وفي الحفاظ على الهوية العربية للمدينة والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها.
كما أكد وزراء الخارجية على الرفض العربي لأية مشروعات أو خطوات إسرائيلية أحادية الجانب تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني وتخالف القانون الدولي وتقوض حل الدولتين الذي لا بديل عنه، وإعادة التأكيد على ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن الداعية إلى الوقف الفوري والكامل لكافة أنشطة الاستيطان بما في ذلك في القدس الشرقية، لاسيما قرار مجلس الأمن 2334.
وحث الوزراء كل الأطراف الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والرباعية الدولية على اتخاذ خطوات عملية من أجل إطلاق مفاوضات ذات مصداقية تعالج جميع قضايا الحل النهائي تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتي تحقق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، والترحيب بجهود الأطراف الدولية والإقليمية لدفع عجلة السلام العادل الذي يمثل خیاراً استراتيجياً عربياً، والتأكيد على أهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف الرباعية الدولية في هذا الإطار، وعلى أهمية انخراط المجتمع الدولي في تسهيل إعادة إطلاق مفاوضات سلام ذات مصداقية بناء على المرجعيات الدولية المعتمدة تفتح الأفق لمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني ولشعوب المنطقة بالاستناد إلى المبادرة العربية للسلام.
ورحب الوزراء بقرار الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية القاضي بأن الاختصاص الإقليمي للمحكمة الجنائية الدولية في فلسطين يشمل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل منذ عام ١٩٦٧م، وهي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
والتأكيد على أهمية تواصل الدول العربية بالتنسيق مع العضو العربي في مجلس الأمن مع أطراف الرباعية الدولية وجميع الأطراف المؤثرة بالنسبة لهذه القضية لحثها على الانخراط دون انتظار في العمل على التوصل إلى تسويتها.
وقال سامح شكرى وزير الخارجية المصري خلال كلمته، أن القضية الفلسطينية لا تزال وستبقى هي قضيتنا المركزية دولاً وشعوباً، وأن الاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا في ظل سلام دائم وشامل بناء على تسوية عادلة تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني وآماله.وقال شكري إن عالمنا العربي قد واجه العديد من التحديات خلال العقد الماضي، حيث عانت شعوبنا في عدد من بلادنا من انهيار مؤسسات الدولة، وويلات الانقسامات العقائدية والفكرية والسياسية، وظهور شبح الإرهاب وتنظيماته التي انتهزت حالة الفراغ السياسي والأمني في بعض الدول للانقضاض على ما تبقى منها، وصولاً لجائحة كورونا التي اجتاحت المنطقة والعالم بأسره لتضيف المزيد من الأعباء والتحديات أمام اقتصاداتنا ومجتمعاتنا.
وأضاف شكري أن البعض ظن أن العالم العربي في ظل تلك الظروف الدقيقة قد انشغل عن قضيته الرئيسية العادلة وأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية قد انزوت على أجندة أولويات الدول العربية، وهو الظن الذي لا يحمل الصواب، إذ إن القضية الفلسطينية كانت وستظل في قلب الضمير العربي، مهما شاب العملية التفاوضية من ركود وتعطيل، وعلى الرغم من الممارسات الإسرائيلية أحادية الجانب ومشروعات الاستيطان في الضفة الغربية، وقد واجهت تلك القضية ظروفاً شديدة الصعوبة خلال السنوات الماضية، إلا أن القضايا العادلة لا تموت وتظل تحظى بالشرعية طالما أنها لم تجد للحل والتسوية العادلة سبيلاً وطالما لم يقم المجتمع الدولي بعد بواجبه تجاهها بحثاً عن الاستقرار عبر إنفاذ القانون الدولي.
وقال شكري: “وانطلاقاً من ذلك لم تدخر مصر يوماً أي جهد من أجل دعم كافة الجهود الرامية لحلحلة الجمود المسيطر على عملية السلام منذ سنوات، وهو ما ظهر جلياً خلال الفترة الماضية، حيث قامت مصر بتكثيف اتصالاتها ومشاوراتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، مما أسفر عن استضافة القاهرة لاجتماع تنسيقي مصري أردني فلسطيني في 19 ديسمبر الماضي، ثم عن استضافة اجتماع دول صيغة ميونخ في بداية العام الجاري بمشاركة وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، سعياً إلى فتح الطريق أمام استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية ووساطة دولية نزيهة، وحث كافة الأطراف الفاعلة، وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية الجديدة والرباعية الدولية، على الاضطلاع بجهد صادق لتحقيق السلام وفقاً للثوابت المتفق عليها دولياً، وعلى أساس المقررات الدولية والعربية وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية لعام 2002، بما يحقق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
كما واصلت مصر جهودها المستمرة والحثيثة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ولم تبخل بتقديم كافة أنواع الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة اللحمة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إيماناً منها بأن تحقيق المصالحة الفلسطينية سينعكس بصورة إيجابية على قدرة الشعب الفلسطيني على تسيير عملية التفاوض من جديد وتحقيق أهدافه وطموحاته المشروعة .. وفي هذا السياق، أشار شكري إلى اللقاءات التي تستضيفها القاهرة خلال هذه الآونة لتفعيل الحوار بين مختلف الفصائل الفلسطينية ومناقشة سبل عقد الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية ثم المجلس الوطني المقررة منتصف العام الجاري وآليات إنجاحها، حسبما أعلن الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”.
وقال شكري: “تؤكد مصر دائماً على ضرورة احترام الوضع القائم في القدس الشريف والعمل على حمايته والحفاظ عليه، وتجنب أي إجراءات يكون من شأنها تأجيج الصراع أو اتخاذه لملامح أو أبعاد دينية سيكون لها تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي .. وأضاف: “لعلنا نتفق جميعاً أن استجابتكم للمشاركة في الاجتماع رغم كل الظروف، لخير دليل على أن الدول العربية تقف يداً واحدة في صون الأمن القومي العربي والحفاظ على المصالح العربية وعلى الدولة الوطنية في عالمنا العربي تأكيداً على التضامن العربي وعلى قدرة دولنا على مواجهة التحديات عبر التكامل فيما بيننا وتوظيف الإمكانات المشتركة لمواجهة أي استهداف من الخارج لاستقرار المنطقة العربية ولمقدرات شعوبنا .. ويتجسد ما تقدم بشكل كبير في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وكافة شعوب المنطقة، ولذا فإنني انتهز هذه المناسبة لدعوة الدول العربية الشقيقة إلى أن يكون اجتماعنا اليوم بمثابة رسالة قوية ونقطة انطلاق موجهة إلى كافة الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية، للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في الوجدان العربي، وأننا كدول وحكومات وشعوب متكاتفون من أجل التوصل لتسوية مرضية وعادلة تلبي طموحات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بما يضمن تحقيق الاستقرار والسلام العادل والشامل بالمنطقة”.
ومن جانبه أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية خلال كلمته، أن التحديات التي يتعرض لها أمننا القومي العربي لا يمكن مجابهتها والتصدي لها سوى بمنطق جماعي وبعمل مشترك يتأسس على نظرة شمولية للأمن العربي، نظرة عابرة للقضايا متجاوزة للجغرافيا.وشدد أبو الغيط على أن كل تهديد تتعرض له أرض عربية هو تهديد لأمننا جميعاً وكلما توحدت صفوفنا كلما صار صعباً على الآخرين أن ينفذوا من بين خلافاتنا.. وأكد أن التئام شمل الاجتماع الطارئ يحمل رسالة مهمة للعالم بأسره بأن الدول العربية تتحدث بصوت واحد عندما يتعلق الأمر بفلسطين.. وأضاف أنه لم تكن هناك قضية محل إجماع عربي في تاريخ هذه المنظمة الإقليمية العريقة قدر القضية الفلسطينية، وستظل هذه القضية في قلب الهموم العربية إلى أن تُحل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد أبو الغيط على أن تحقيق تسوية دائمة وعادلة لهذا النزاع الطويل كفيل بأن يخلق ديناميكية جديدة في المنطقة كلها، بما يطلق الطاقات ويرسم مستقبلاً أفضل لأجيال تريد العيش بسلام وأمن، ولكن السلام الذي يتأسس على الحق هو وحده ما يستمر والأمن الذي يرتكز على العدل هو فقط الذي يدوم.
وأشار أبوالغيط إلى أن التسوية النهائية تمر عبر مسار وحيد هو حل الدولتين، وهو المسار الذي يحظى بتوافق العرب والعالم بل وبتأييد أغلبية الفلسطينيين والإسرائيليين وليس في الأفق صيغة بديلة عن حل الدولتين يمكنها تلبية حاجة الفلسطينيين إلى الدولة وحاجة الإسرائيليين إلى الأمن، مؤكداً على أن الإجماع الدولي على حل الدولتين لابد أن يُترجم في تحرك عملي يقود إلى إنقاذ هذا الحل من محاولات إسرائيلية مستمرة تهدف إلى تقويضه وتهميشه.
ومن جهته أكد أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشئون المغتربين الأردني، أن تقوية الجامعة العربية قوة لنا جميعا وفيه خدمة لمصالحنا المشتركة، فهي مظلة العمل العربي المشترك ليس هناك سواها بيتاً عربياً جامعاً.
وقال الصفدي إننا نحتاج أن نبلور تحركاً مشتركاً لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وحقيقية ولتفعيل دور الرباعية الدولية، للتوصل لحل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية، ومعادلة الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وحل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.