((همس الحروف) .. لماذا تمنع الناس يا مناع)
☘️🌹☘️
✍️ الباقر عبد القيوم علي
التهديد سلاح خطير جداً يعبر عن الفعل الذي يقوم به أحد الناس بغرض توصيل رسالة تحذيرية قوية كإنذار مبكر من الشخص المهدد بغرض رفع درجة الإستعداد عند الشخص المراد تهديده و تحذيرة من أمر معين لرفع ضرر يتوقع حدوثه حال توفر الأسباب التي تم التحذير منها ، أو للتعبير عن إعلان شر محتمل وقوعه بلهجة التحدي يريد به الشخص الذي أصدر التحذير منع خصمه من فعل أمر معين يخشى وقوعه و لذلك يكون التحذير في درجته بحجم الضرر الذي سوف ينتج حال إستمرار الشخص المراد تحذيره في عدم الإلتفات لما حذر منه ، فالتهديد يعتبر سلاح ذوحدين إما أن يردع الشخص المهدد في لحظته الذي إغترف الأمر المعين أو سيقع ذلك التهديد بمكان من الإستفزاز مما سيحول الأمر إلى دعوة للتحدي الذي ستتشكل تجاه ذلك كقوة مضادة بحجم الإستفزاز
في أواخر أيام الإنقاذ قام الفاتح عز الدين أحد قادة حزب المؤتمر الوطني المحلول بتهديد الثوار حال خروجهم بلهجة إستفزازية تخللها وعيد بقطع رؤوس من يشارك في الإحتجاجات ، وهذه اللغة لا تتماشى و أدبيات الشعب السوداني مما أدى ذلك إلى ردة فعل قوية جعلت كثير من الذين لم تكن في نيتهم الخروج أن يخرجوا و بعنف شديد تحدياً له لأن تهديده كان يحمل في طياته إستفزازاّ صارخاً للثوار ، بالرغم من أنه سرعان ما تراجع عن ذلك الوعيد وإدعى انه كان يقصد بذلك منتسبي الحزب الشيوعي فقط وكأن أعضاء الحزب الشيوعي من كوكب آخر و لا يحملون الهوية السودانية ، فكان الأجدر به أن يعالج ما دعى الناس للخروج ضد حكومته عوضاً من أن يهدد الناس ويتوعدهم ، فدائماً مثل هذه التهديدات تأتي بردود آفعال عكسية ضد مراد المهدد ، و هذا هو الشيئ الذي قام برفع الحس الثوري لدى المحتجين وقتها و منحهم جرعة قوية من التحدي بحجم أكبر من التهديد نفسه مما شكلت عندهم قوة باطشة ساقت الى هزيمة عنجهية الإنقاديين هزيمة نكراء .
وها هو اليوم يتكرر نفس السناريو و المشهد و بنفس الإحداثيات من صلاح مناع عضوء لجنة إزالة التمكين تجاه المحتجين الذين أخرجتهم المسغبة و التردي الإقتصادي والإنفلات السلعي الذي قلب حياة الشعب إلى حجيم نتيجة أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ السودان و التي ضغطت على معاش الناس فوق طاقة الاحتمال مما نتج عنها انهيار كامل للجنية السوداني مقابل العملات الأخرى نتيجة التخبط في السياسات بصورة عامة ، و زامن ذلك حالة من السيولة الأمنية غير معهودة بصورة أرعبت الشعب و كذلك حالة السيولة السياسية وتضارب الاقوال والأفعال نتيجة الخلل في الحاضنة و المحضون ، فكيف لعضوء في لجنة التمكين أن يصدر تهديدات كهذه في بلد يفترض أن يكون ديمقراطي ، وهو ليس برئيس قضاء أو مدير جهاز أمن أو قائد شرطة ولا يحمل أي صفة قانونية أخرى تجعله يتفوه بمثل هذه التهديدات و إن قيد حديثه تجاه منتسبي حزب المؤتمر الوطني ، فلا يجوز له التعميم المطلق في ذلك كما يجري به هواه .
هذه هي الأزمة الحقيقة التي يعيشها هذا الشعب المكلوم في بلد المتناقضات ، فنجد فيها التضارب في كل الإختصاصات التي تتجاوز حدود الإختلاف في كل شيئ و تخرج من أدب الخلاف و خلاف الأدب ، و أميز ما يميز القائمين على أمر هذه الدولة هو الإفراط في الحديث ، و التفريط في الواجب ، و لهذا تكون النتائج معكوسة الفوائد ، فما أسقط الانقاذ هو الإستفزاز و التطاول على هذا الشعب الأبي مع سياسة التهميش التي كانت ممنهجة مما قادت البعض لحمل السلاح و محاولة أخذ حقوقهم بالقوة ، فإذا عبر الشعب عن نفسه تجاه أمر معين فإن الساسة يعتبرونه مسير وأن هنالك جهات أجنبية أوعزت له بذلك و لا يُعطى حق القوامة على نفسه أبداً ، و ما يميزه عن غيره من شعوب العالم أنه شعب لا يقبل أن تكسر أنفه مهما بلغ به أمر الحاجة مبلغه ، و ما يحدث الآن من حراك فهو عبارة هبة شعبية احتجاجية عفوية غير مأدلجة ضد تهميش صوته الذي ينادي به في آذان أوقرها حب الذات والإثنيات و الشلليات والسلوكيات المتشبعة بالأنانية فلا نجد أحد من الذين يتربعون على كراسي الحكم لديهم الإستعداد لسماع صوته ، و كما يسعى بعض ساسته على تغبيش رؤية الأمور الواضحة أمامه وذلك بنسب كل أمر يقوم به إلى العمالة و الإرتزاق و خصوصاً الذي يكون نابعاً من الرفض للسياسات العرجاء التي اتت بالإنهيار الإقتصادي الذي حاصر الجميع من كل صوب ، فلا أحد منهم يواسيه في مصيبته أو يعزيه في جلل مصابه و لهذا يجب على مثل هذه الأصوات التي تصدر مثل هذه التهديدات ذات القبح الأسود أن تخرس و إلا سوف يخرسها هذا الشعب المعلم عبر غضبته ، فلم تكن الثورة من أجل إستبدال مستبد بآخر أو أجندات بغيرها و على الجميع أن يضعوا ذلك في حسبانهم و التأيخ خير شاهد على ذلك فإعتبروا يا أولي الألباب .