استراحة الجمعة

بقلم: علاء الدين يوسف
أواصر الحُب والمودة .. بين مملكة الخير وأرض الخير .. “النسب ،، عزاه النبي” عليه افضل الصلاة والسلام
بين السودان والمملكة العربية السعودية، علاقة لا تختصرها المصالح ولا توجزها اللغة .. إنها علاقة محبة ودم ومروءة، تمتد في عمق التاريخ والجغرافيا، وتسكن القلوب قبل الدواوين.
بلاد الحرمين لم تكن يوماً غريبة على السودانيين، ولم يُعامَل السوداني فيها يوماً كغريب .. منذ أن ضاقت أرضنا بأبنائها، فتحت المملكة أبوابها وقلوبها، فآوت واحتضنت وعفَت، دون ضجيج، ودون أن تمنّ.
السعوديون والسودانيون ليسوا شعبين، بل أهل. وبينهم من أواصر الدم والنسب والمصاهرة .. ما يجعل الحديث عن “علاقة بين بلدين” أمراً ناقصاً.
وقد لمست هذا القرب بعيني، حين كنت في مدينة جدة، و في احد المجالس الطيبة، التي تفيض كرماً ووداً، يضمّ نخباً من السعوديين والسودانيين، يضحكون معاً، ويتبادلون الذكريات، كأنهم أبناء بلد واحد ..
في تلك الجلسات، تعرفنا على رجل فريد، أحسبه من نبلاء المملكة ..العميد مستور الزهراني.
من أول وهلة، شدّني الشبه ان ملامحه مألوفة حتى تحدث احد الاخوة ان الشبه بينه وبين وجهين عزيزين على الذاكرة السودانية: الشيخ النيل أبو قرون، والفنان الراحل صلاح بن البادية (واسمه الحقيقي: صالح أبو قرون).

شبه غريب حدّ الدهشة، ليس في الملامح فقط، بل حتى في الوقار والهيبة، وفي طريقة الحديث التي تجمع بين الرزانة والبساطة.
حتى سأله الاخوة ،، عندكم في العائلة أصل من السودان؟
ابتسم وقال شيئاً لن أنساه:
أنا جدي اسمه “بالقرون” … ويمكن نكون أهلكم البعيدين!
و قلت في سري”بالقرون” و ” أبوقرون” ليسا ببعيدين..
حينها، سكتنا برهة، ثم ضحكت، وضحك، وضحك الجمع، لكن في القلب كانت لحظة تصديق ودهشة وعرفان.
فحتى لو لم توثّقها السجلات، فالملامح تنطق، والروح تشهد، والنسب الطيب لا يضلّ طريقه.
قصة العميد مستور ليست استثناءً، بل دليل على ما نردّده دائمًا: بين السودان والمملكة وشائج لا تموت، ودمٌ واحد وإن تباعدت الضفاف.
شكرًا لأهل المملكة، من الجنوب إلى الشمال، على ما زرعوه في قلوبنا من مودة، وعلى ما حفظوه من ودّ، وعلى ما وثّقوه من نسب، دون أن يقصدوا، ودون أن يتكلّفوا.


