الحرب اللعينة والدعم الصديق( ١ – ٢ )

بقلم :إبراهيم عثمان
▪️ مع بداية الفترة الانتقالية كان السؤال الذي لم يملك أحد إجابته الدقيقة في ذلك الوقت : تُرى كم من المساوئ والعيوب يحتاج الدعم السريع لمراكمتها ليستحق ثقة جماعة قحت، ومن ثم يستحق تحالفهم ؟ لكن مع هذه الحرب عرف الجميع الإجابة، وقد قدمها، بأوضح طريقة، منعم سليمان الذي قال إنه، بعد قطيعة استمرت منذ ٢٥ أكتوبر، لم يستعد ( صداقته ) مع حميدتي واتصالاته به إلا بعد الحرب !
▪️ من “إنجازاتهم اللغوية” المدهشة أن شعار ( لا للحرب ) أصبح يفوض شعارات مناقضة لتقوم مقامه ولتؤدي معناه، مثلاً شعار ( جيش واحد شعب واحد ) الذي يمقتونه ولا ينطقون به أبداً، والذي هتف به الجمهور عند استقبال البرهان في مروي، هذا الشعار، قد قام عند منعم سليمان مقام شعار ( لا للحرب ) وأوصل رسالته بمضامينها القحتية المعلومة، وحوَّل جميع مردديه إلى أصدقاء للمتمردين، تماماً كمنعم سليمان وجماعته !
▪️ رغم رفعها شعار لا للحرب إلا أن ما لم تستطع قحت المركزي إخفاءه هو أنها – في حالة عدم تسليم الجيش بسيطرة المتمردين التي تتضمن المنازل والمرافق – تريد ( مزيداً من الحرب )؛ بالتحديد مزيداً من الأعمال الحربية الناجحة من جانب المتمردين، بما يكفي لإثبات عدم قدرة الجيش على الانتصار عليهم، وبما يصلح كابتزاز قوي يضطر الجيش في النهاية إلى القبول بتفاوض يبقي الدعم السريع طرفاً أساسياً في معادلات السياسة والعسكرية والاقتصاد !
▪️شعار لا للحرب تم تصميمه ليحقق هذه الغاية ( الحربية ) بامتياز، فمن إنجازاتهم اللغوية أنه قد أصبح مرناً ومطواعاً بما يسمح بتحوله إلى شعار حربي، أو شبه حربي، لا يتأذى منه المتمردون، بل ويكون في خدمتهم أثناء عملياتهم الحربية، حتى وهم يتحدثون عن تخطيطهم لتوسيع الحرب وصولاً إلى بورتسودان !
▪️ كما هو معلوم يقوم حلفاء الميليشيا بتوزيع بعض جرائمها على الجيش، لكنهم أيضاً يوزعون جزءاً كبيراً من هذه الجرائم على ( الحرب ) كشيء قائم بذاته، ومنفصل عن الدعم السريع، ويستحق اللعن بدلاً عنه، يحدث هذا حتى في حالات الجرائم التي برتكبها المتمردون عمداً ضد المواطنين، وحتى ضد عضويتهم !
▪️ الأمثلة كثيرة على استخدام “الحرب” كدرقة تقي المتمردين الإدانات،
ومن بينها ما قاله منعم سليمان على قناة الجزيرة عن احتلال المتمردين للمنازل، فقد جمع بين نفي الاحتلال والاعتراف به وتبريره، ثم أدان الطيران و( الحرب ) وحملهما المسؤولية كاملةً وأخرج المتمردين منها تماماً !
▪️ مثال آخر : نعي لحزب المؤتمر السوداني لرئيس فرعية الحزب بمحلية كرينك في ولاية غرب دارفور ، فرغم اعترافهم بأنه قُتِل ( برصاص قوات الدعم السريع ) إلا أن البيان تجنب وصف ما حدث بالجريمة، وخلا من أي حكم على فاعلها، وبدلاً من ذلك قاموا بتحويل الإدانة كاملةً إلى “الحرب” : ( برحيله الحزين يلتحق بآلاف المدنيين الأبرياء الذين أُزهِقَت أرواحهم جراء هذه الحرب اللعينة ) !
▪️ على سلاطة لسانهم، وحدة ألفاظهم، وبراعتهم في منابزة الآخرين بالألقاب، لم تستفزهم جرائم المتمردين، على كثرتها وفظاعتها، لتسليط لسانهم عليهم، أو لجرحهم بلفظ حاد، أو لمنابزتهم بلقب، وبدلاً عن ذلك وظَّفوا كل خبراتهم بهذا الخصوص لصالح المتمردين، وبلغ تضامنهم معهم قمته بعد الحرب، خاصةً في حملاتهم على خصومهم، ومن بينهم المواطنين المحتلة منازلهم إذا طالبوا بالردع والحسم !.