((همس الحروف) .. إذا دعتكم القدرة علي ظلم العباد فقدرة الله فوق الجميع)
☘️🌹☘️
✍️ الباقر عبد القيوم علي
من أهم المرتكزات التي تتقدم بها الدول في جميع أنحاءالعالم هي تنمية الوازع الأخلاقي لشعوبها ، و ذلك لأنه هو المحرك الأساسي للرقابة الذاتية لأفراد هذه الشعوب التي تدعو لمثل هذه القيم الإنسانية الراقية ، فنجد أن هذه الرقابة يتحكم فيها ضمير الفرد حتى تصبح منفرة له من الشر و باعثة للخير ، و هذا هو ما يخلق إستقامة المجتمع ، لأنه بهذه القيم و المباديء يتحرك مؤشر الدول إلى الأفضل ، فإذا توفر الضمير في شعب أي دولة ما ، فذلك يدل على عظمتها ، و علو شأنها عاجلاً أم آجلاً حتى إذا كانت دولة فقيرة ، و لهذا نجد أن القيم و الأخلاق تشكل أولويات المباديء الإنسانية التي دعت إليها جميع الأديان السماوية . و كما تصدرت المقدمة في كل الأعراف التي تحكم الإنسانية و كذلك في المعتقدات الأخرى كالبوذية و الهندوسية و غيرها من العقائد التي يلتف حولها جمع من الأتباع و المريدين و ذلك نتيجة سعي هذه الشرع في توطين الوازع الأخلاقي في من يعتقدون فيهم .
إن هذا السؤال كثيرا ما يشغل الشعب : هل شيطان الكرسي يتلبس المسؤولين ؟ ، أم شيطان المسؤولين هو من يتلبس الكرسي ؟ ، فقبل الجلوس عليه نجدهم يتحدثون عن أعظم المعاني التي تحمل الكثير من المباديء والقيم و صحوة الضمير فيبالغون في المثالية و خصوصاً عند عتبات منابرهم و مع شركائهم الذين يؤمنون بنفس ما يحملونه من أفكار كانت تدعوهم في السابق إلى الخير ، و لكن بعد الدخول في عالم السلطة لا يكون الواحد منهم مستعداً لتقبل الآخر و كما نجده يتنازل سريعاً عن ذلك الحماس الوطني الزائد الذي كان يشكل محور سلوكه ، فنجده يخرج شخصاً آخراً من داخل أعماق أغوار شخصيته يحمل نفس تفاصيل شكله و لكنه يختلف معه في المضمون فنجده من السهل وقوعه في التفريط الذي يمكن أن تضيع معه حقوق الناس حيث نجده يتعامل معها وكانها ليس لها قيمة مادية تذكر .
الحكومة من أكبر قادتها إلى أصغرهم يعلمون تمام العلم أن جميع الأشخاص الذين تمت مصادرة سياراتهم من وارد ليبيا ، هم من طبقات الشعب الفقيرة و الكادحة وهم الذين مهروا بدمائهم الأرض ليسطروا بها أجمل لوحات الحرية، و بأنجازهم كانت هذه الثورة التي ظنوا أنها ستقودهم إلى الخلاص ، فلقد كان حلم هؤلاء الشباب بأن تقوم الحكومة بتحقيق تلك الشعارات التي كانوا يرددوها أيام الإعتصام ، فكانوا يتوقعون أن تساعدهم في ترتيب كل أوضاعهم و تجهيز بيوتهم ، حيث ما زال لسان حالهم يقول : (كنداكة نعرسها ليك ) ، و لو كان هنالك أي أحد من هؤلاء الحكوميين خارج هذه السلطة لخلق من هذه التعسف الذي وقع على هؤلاء الشباب قضية رأي عام ، و لفتقوا بها آذاننا ، فهذا السلوك الحكومي تجاه فقراء الشعب يعتبر جريمة في حق الثورة لانها صادرت الحقوق الخاصة التي كان من المفترض أن تصونها ، حيث تم أخذها غصباً ، و هذا يعتبر إستيلاءً على مال الشعب ظلما و وعدواناً و بدون وجه حق و بمجاهرة واضحة ، و بفقاعة عين ، فما هو الوازع الأخلاقي الذي يجعل من الدولة أن تقوم بهكذا خطوة تجاه هؤلاء المساكين .
و لعل المثل الشعبي المصري الذي يقول (أقرع ونزهي) الذي أطلقه عامة الشعب على الشخص السفيه الذي لا يعرف حدود مقدرته المادية حيث تراه ينفق كل ما عنده من مال ببذخ شديد و هو في الأصل محتاج و لا يمتلك شيئاً ، فهذا المثل ينطبق تماماً على سلوك هذه الحكومة التي صادرت سيارات الشباب و قررت أن تذهب بها إلى المصهر ، فكيف لها أن تقوم بصهر هذا الكم الهائل من السيارات و هي في أشد الحاحة لدراجات نارية فضلاً من حاجتها لسيارات و تعتبر جيدة و صالحة للإستخدام ، فهذا الكلام لا يدخل العقول ، وكما سيظل هؤلاء المساكين يلاحقون بالدعاء كل من قام بحرق قلوبهم بصورة لم يراعى فيها حق الله و كما لم تسبقهم في فعل ذلك حكومة الإنقاذ الشمولية .
سيظل الظلم ظلماً و إن حاول البعض تزينه وسيلاحق شبحه الظالمين إلى قيام الساعة ، لأن الديان لا يموت أبداً ، فيجب أن يعتبر أصحاب هذه القرارات بما قام به النظام السابق عبر جبروته وبيوت أشباحة في أخذ الأموال المغصوبة من أصحابها بالباطل و تحت سطوة القانون و مظلة التنظيم والترتيبات ، و ها هي كل القضايا الشبيهة بذلك قد تم فتحها الآن في المحاكم ، وسيأخذ كل صاحب حق حقه و سينال الظالم ما ستقرره المحاكم عليه من عقاب في الدنيا و كذلك سينتظره في الآخرة عذاب أليم .
معالجة هذه القضية تتم بإرجاع الحقوق إلى أهلها .. أو أن تستفيد منها الدولة في سد النقص الذي تعاني منه حسب حاجتها للسيارات فيمكن أن تسد به عجز المؤسسات الحكومية و لكن بشرط أن تقوم بدفع قيمتها لاصحابها بما يجبر خاطرهم و يقلل من خسائرهم ، و إن كان ذلك ينقص قليلاً عن أسعارها الاصلية ، و لكن لا تصهروها ، فتحرقوا بذلك قلوب أصحابها ، فينطبق عليكم المثل المصري الذي يقول في مثل هذه الحالة (أقرع ونزهي) .