((همس الحروف) .. سلوا الموؤدة بأي ذنب قتلت ؟!!)
☘️🌹☘️
✍️ الباقر عبد القيوم على
الحلقة الخامسة
أصحاب السعادة ، الثالوث العالي بوزارة التعليم العالي الذين يصعب التحدث معهم أو حتى النظر إليهم ، و هم يشكلون حائط سد منيع لكل من قصدهم في مهمة بدون واسطة أو معرفة وطيدة ، و خصوصاً ذلك الرجل (الخفي) الذي يمثل رأس المثلث و هو بمثابة العميل رقم صفر حيث يصعب على الجميع فرص مقابلته (البته) و لا أحد يعرف حقيقته إلا القليل من المقربين منه جداً ، و على رأسهم ذلك الثنائي الخطير اللذان يشكلان قاعدة المثلث معه ، فهؤلاء الأخيرين يذكراني بقصة حجا و إبنه حينما إتفقا و زعما للناس أنهما يعرفان كل علوم الدنيا ، وأن هذا العلم مقسوم بينهما بالتساوي ، و تخالفا في مكان سكنهما و جعلا بينهما من البعد ما يعجًز الناس لجمعهما في مكان واحد ، فحينما يذهب الناس إلى جحا ويسألونه عن أمر ما ، فإذا كان يعلمه فإنه يجيبهم في الحال ، وإن كان لا يعلمه فإنه يتعلل بأن هذا الأمر يقع في دائرة النصف الآخر الذي يعلمه إبنه ، و كذلك كان إبنه يتعلل بما يتعلل به والده و لا أحد من الناس يستطيع أن يصل منهما إلى فائدة ، و أما رأس المثلث فيصعب على الناس مقابلتة ، فهو الرجل الخفي أو العميل رقم صفر الذي لا يعرف حقيقته أحد فإذا شد إليه الناس الرحال و وصلوه في منزله فهو يكون في تلك الأثناء موجوداً بمكتبه و لم يحضر بعد ، و إن وصلوه في مكتبه فهو غائب بسبب إجتماع هام جداً حيث لا نجد أهمية للسبب الذي يجتمعون من أجله وتعجزهم الحلول دائماً ، وإن قصدوه في مكان إجتماعه فهو و من يجتمع معهم غائبين عن واقع ما يعيش فيه الناس من مشكلة ، و حيث لا مجال للحلول أبداًّ ، و هكذا تدور هذه الدائرة التي ليس لها بداية وكما ليس لها نهاية ، و هذه تعتبر صورة مصغرة و مخففة لما يحدث في مكتب القبول عند حاجة الناس إليه .
في مشهد آخر من مشاهد الحزن في تلك الإدارة العجيبة و التي تترك دائماً آثاراً سلبية حادة في نفوس الناس ، وذلك لمحاولة مسؤوليها أخفاء أنفسهم بأي سبب كان للحيلوة دون إجتماع الناس بهم ، وخصوصاً يتصعب عليهم وجود أصحاب الأقلام الحمراء و أحياناً حتى الزرقاء ، فيحاولون إخفاء أنفسهم عن أنظار أصحاب الحاجة إليهم ، حيث ينشط في تلك البؤرة (السماسرة) من أجل تقديم عروضهم التروجية التي تلين بها المواقف و تتكسر عندها اللوائح و ذلك لمن يدفع أكثر ، فيظفر بنتائج ذلك بعض المغامرين من أصحاب الحاجة و كما يقول المثل المصري (إبن حلال يفتح الباب) ، و بعد ولوجه عبر أبواب السماسرة إلى الداخل فيتم حلحلة مشاكله في أطر ضيقة جداً وبصورة فردية ، وكان من الواجب عليه أن يتحلى بدرجة من الشجاعة و الوطنية و يحدث بقية الناس بطريقة ذلك الحل حتى يصبح هذا الأمر سابقةً ، و ذلك لأن القياس بالسوابق يعتبر من أقوي درجات الظفر بنفس صورة الحكم الأولى ، و لكن المعضلة في قومنا هذا و ما يملأ قلوبهم من حسد يكون سببا في ضياع هذه الفائدة على الجميع ، فعندما تتم معالجة قضية أحدهم فيكتمها في قلبه ، فتقع صورة الحل التي نالها في حكم قصة حجا حينا قال : (بعد أن ولدتني ، ان شاء الله رحم أمي ينسد) .
لقد فتن الله نبيه داؤد حينما إعتزل بنفسه في المحراب و أغلق بابه و قد منع الناس من الدخول عليه ، فلم يكن ذلك لسبب دنيوي بل كان من أجل الإنقطاع للعبادة حيث دخل عليه جماعة فأدخلوا في قلبه الرعب ، لأنهم لم يستأذنوه ، و لكنهم طمأنوه بألا يخاف منهم و أخبروه بإن سبب مجيئهم إليه كان من أجل أن يحكم بينهم في مسألة إستعصت عليهم و قد كان ذلك كما ورد في قوله تعالى : ( إِنَّ هَٰذَآ أَخِى لَهُۥ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ نَعْجَةٌ وَٰحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى ٱلْخِطَابِ) ، فنجده قد قام بسماع كلام الخصم الذي يتميز بحسن خطابه و كما كان يمتلك الخبرة الواسعة في تركيب النصوص التي ترمي في مصلحة قضيته ، و لم يستمع إلى كلام الآخر الذي تنقصه المقدرة في وصف المعلوم و لهذا نجد أن داؤد عليه السلام قد تسرع في حكمه الذي أقر فيه الظلم على الخصم قبل سماع جوابه وهكذا كانت فتنته .
تخيلوا معي أبعاد هذه القصة ، حينما يذهب الطلاب الحائزين على شهادة (التقييم) التي لم يعترف بها مكتب القبول إلى الجامعات الخاصة من أجل أن يحجزوا لأنفسهم مقاعد بها ، و حيث تقول لهم الجامعات : إذهبوا و أحضر لنا موافقة مكتب القبول ، فحينما يذهب الطلاب في معية أولياء أمورهم لا يجدون به إلا عبد المأمور (صاحب الكنية) الذي يتحدث إليهم من طرف أنفه بكلمات محددة ليخبرهم بكلمات محفوظةإليه يعلمها الجميع قبل أن يبوح بها ، و هي أنه لم يصله قرار من الوزارة ، و هذه الكلمات تخرج منه بصعوبة بالغة و بنفس ترتفع فيه درجة حرارة الألفاظ حيث يكون رده في حكم (ثم لا يموت فيها ولا يحى) فيتم البحث عن المأمور الذي يتعذر وجوده و يتعلل بعلل واهية ليس بالضرورة أن تكون مقبولة للجميع و لكنها أعذار ، و بعد رحلة بحث شاقة يتم سؤال الوزارة فتتعلل باللوائح التي أصدرها بعض المآفين في النظام السابق و يعضدونها بقرارات اللحنة القومية العليا للتعليم العالي والبحث العلمي ، فكل من الوزارة و اللجنة يستقوي كلاهما بالآخر في رابط عجيب يستصعب على الناس فهمه و فك طلاسم هذا الإرتباط الذي يجمع بينهما ، كتلك العلاقة التي تربط إسرائيل بأمريكا ولكن لا أحد من الناس يعلم بمكامن القوة فيهما ، فهل يا ترى أن أمريكا تسير برأي إسرائيل أم إسرائيل هي التي تسير برأي أمريكا .. إنها دائرة مغلقة يصعب كسرها ، و لهذا نرجو و نترقب من سعادة وزير التعليم العالي والبحث العلمي بروف إنتصار صغيرون التدخل العاجل لكسر هذه الحلقة التي تشكل متاهة دائرية يصعب حلها .. والله المستعان .
في الحلقة القادمة سوف نستعرض بعض حالات الفساد في هذه الدائرة … فترقبونا .