رأي
منصة
أشرف إبراهيم
الأمن الداخلي و(ود أبزهانة)
- (ودأب زهانة) هو المنسدح حمد المسندح،الذي تقول الروايات الشفهية أنه عاش أيام المملكة السنارية وعاصر حياة الشيخ فرح ودكتوك واشتهر بالكسل الشديد وحب النوم والتبطل، وفوق هذا وذاك كان يحب أن يعيش حياة الملوك وقيل ود أبزهانة (ياكل في الفندق وينوم في الجامع ) كناية عن فقره ومحاولته العيش في مستوى فوق طاقته وقدراته المالية وهو الذي لاعمل له ويريد أن يعيش ملك وصار مضرباً للأمثال في ذاكرة المشافهة السودانية الحية ويقال لكل من لايرضى بواقعه ولايعيشه ود أبزهانة.
- ومناسبة هذه الرمية كما يقول أستاذنا عبد اللطيف البوني هي الدعوات المتكررة والتي يبدو أنها في طريقها إلى حيز النفاذ من قبل أحزاب قوى الحرية والتغيير التي تشكل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية بضرورة تكوين جهاز للأمن الداخلي وقد قيل وتردد مؤخراً أن الترتيب العملي للجهاز المشار اليه بدأ فعلياً وباشرت بعض خلاياه العمل في المركز وان لم يعلن عن ذلك بصورة رسمية في مجافاة للشفافية والمؤسسية ظلت ديدن هذه الحكومة الحائرة في الفترة التي تولت فيها زمام الأمر بالبلاد عقب سقوط نظام الإنقاذ.
- والمفارقة في هذا الشأن وأعني تكوين جهاز الأمن الداخلي بعيداً عن خطل الفكرة تكمن المفارقة في الواقع الإقتصادي المتأزم والذي يتهاوى فيه الاقتصاد بمتوالية مرعبة وبات على شفير الإنهيار التام بفعل السياسات الفاشلة لهذه الحكومة وانعدام الرؤية والكفاءات في الجهاز التنفيذي ورغم هذا تريد أن تضيف تكلفة جديدة في الصرف الحكومي من خلال تكوين جهاز الأمن الداخلي هذا وكأن خزينة الدولة تتدفق منها الأموال وهي التي ظلت تطبع وتطبع الورق حتى كاد التضخم أن يقضي على قيمة عملتنا ويشيع إقتصادنا الوطني لمثواه الأخير.
- ولم أجد تشبيهاً أدق يناسب هذه الحالة أفضل من تشبيه ود أبزهانة في وقت تغرق فيه البلاد في متاهة التراجع والتدهور الاقتصادي لاتبحث قيادات قوى الحرية والتغيير عن حلول لهذه الأزمات المتناسلة ولكنها تعمل على زيادة الأعباء بتكوين جهاز حكومي جديد!
*تكوين جهاز للأمن الداخلي يعني تمويل وصرف وعربات ورواتب ضباط وجنود وتدريب وتسليح ومقار إيجار أو غيره وهذا ليس ماينقصنا ونحتاجه في هذه المرحلة التي تتقاذفنا فيها الأمواج العاتية والأزمات التي هي من صنع الحكومة القائمة وسياساتها وضعف حاضنتها السياسية التي يبدو أنها تيقنت من فشلها وتريد أن تحمي نفسها بجهاز قمعي أمني سلطوي ولاتريد إرهاق نفسها في البحث عن حلول إقتصادية. - ما الداعي لتكوين جهاز أمن داخلي وزيادة الأعباء على الخزينة العامة المرهقة أصلاً وفي ظل تكاثر الشكاوي من الحرية والتغيير نفسها بضغط مصروفات الأمن والدفاع على الموازنة العامة، و لاداعي لتكوين هذا الجهاز وجهاز المخابرات العامة يضم خبرات كبيرة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والأمن الداخلي والخارجي كوادر صرفت عليها الدولة من حر مال الشعب ودربتها وأهلتها ولكنكم قيدتم دور جهاز المخابرات وكبلتموه بأوهام وظنون سياسية ليس إلا.
- على وجدي صالح وصلاح مناع وإبراهيم الشيخ ومحمد الفكي وقيادات الحرية والتغيير التي تردد صباح مساء نغمة تكوين جهاز الأمن الداخلي أن تفكر بوعي من سياسي أكثر عمقاً بمخاطر المرحلة ومخاطبة جذور التعقيدات الماثلة بدلاً عن التفكير الأمني الحزبي الضيق، عليكم إدارة حوار وطني بناء وإيقاف الاستهداف والإقصاء الممنهج ولن تحتاجوا لجهاز أمن داخلي لحمايتكم من الشعب أو القوى السياسية التي تجرونها جراً لمخاصمتكم بما في ذلك الإسلامييين الذين مدوا أيديهم ليكونوا مساندين للفترة الإنتقالية ولكن بسياساتكم الرعناء توسعت دائرة العداء لكم حتى وصلت الحواضن المجتمعية.
- أبعدوا عن منهج ود أبزهانة ولاتعيدوا تجريب المجرب وإنتاج التجارب الفاشلة، الأنظمة تحميها الحرية والعدالة وتوفير العيش الكريم لا الأجهزة الأمنية.