رأي

شــــــــوكــة حـــــــــوت الـمختــصـر الـمـفـــيـد


ياسرمحمدمحمود البشر

صباح الإثنين الماضى أغلقت القوات المسلحة كل الطرق المؤدية إلى القيادة العامة وبدأت معاناة مواطنى شرق الخرطوم المتجهين إلى وسط البلد وكل واحد يسأل الآخر عن سبب إغلاق الطرق والإجابة تكاد تكون موحدة (الله اعلم) لكن الحقيقة أن القوات المسلحة أغلقت الطرق المؤدية إلى القيادة ولا يوجد من ينظر لمعاناة المواطنين خلف الكتل الاسمنتية التى تغلق الطرق وهناك آلالاف من المواطنيين يزحفون بأرجلهم نحو مبتغاهم ومنهم المرضى والعجزة والمسنين وأصحاب الأعذار ومنهم من له موعد مسبق لكن تعطل الحركة أدى إلى تأخيره وأخرين يضربون فى الأرض يبتغون الرزق الحلال فى بلد مأزؤوم وموجوع ولا بواكى عليه.

وقررت السير قدماً من صينية برى عبر شارع الجامعة مثلى مثل المئات حتى أصل وسط البلد ورافقتنى سيدة تجاوز عمرها السبعون عاما وقالت لى (يا وليدى درجنى معاك) فقررت أن أسير حسب سيرها وسألتها عن وجهتها فقالت لى (ماشة مستشفى الخرطوم والشارع قفلوهو) وهى تقصد شارع القيادة المؤدى إلى شارع السيد عبدالرحمن الذى يوصلها إلى مستشفى الخرطوم وتجاذبت معها أطراف الحديث من مستشفى المعلم حتى جامعة الخرطوم وبعدها قالت لى (يا وليدى أنا خلااااااص ما قادرة أمشى) أحضرت لها قارورة ماء وعلبة بسكويت واجلستها تحت شجرة فى الركن الجنوبى الشرقى لجامعة الخرطوم ومن دون مقدمات قالت لى هذه الحاجة (الحاكومة دى لو سلومها لناس ما قارين يعنى غير متعلمين كان عملوا لينا حاجة) نظرت إليها وسألتها (ديل مالم لكن لم أقل لها هييييييى ديل مالم) فردت علىّ بتلقائية (ديل ما نافعين) قلت ليها كيف قالت لى (ديل بتكلموا ساى) وبعدها بدأت أفكر فى هذه السيدة التى حكمت على هؤلاء القوم من دون أن تعرف ماهيتهم أو إنتمائهم أوتوجههم السياسى وبعدها أخرجت هاتف عتيق وقالت إتصل على (ود بتى يجى يرجعنى البيت) وبالفعل إتصلت على حفيدها الذى حضر بعد ساعة زمن وودعت هذه السيدة وأنا متاكد أننى لن ألتقيها مرة أخرى.

هذه السيدة إختصرت ملايين الجُمل والعبارات فى تقييم أداء الحكومة الإنتقالية حكومة الكفاءات المزعومة حيث قامت هذه السيدة بتقييم أداء الحكومة الإنتقالية حينما قالت (لو أدوها لناس ما قارين كان عملوا لينا حاجة) و (ديل بتكلموا ساكت) وهذا أصدق تقييم من سيدة طاعنة فى السن يمكن أن تكون قد عاصرت كل الحكومات منذ الإستقلال وحتى اليوم ومن المؤكد أنها قد قارنت ما بين الحكومات المختلفة والحكومة الإنتقالية وبعدها قالت هذا الحديث المؤلم حقا مع العلم أن هذه السيدة لا يمكن أن تكون منتمية إلى تنظيم الكيزان حتى تقسو فى وصفها على الحكومة الإنتقالية وربما لا تعرف فيهم وزير أو عضو مجلس سيادى وقد لا تعرف عبدالفتاح البرهان لكنها تعرف تماما أن هناك تغيير قد حدث بالبلاد لكنها لم تشعر بأى تحسن فى الإقتصاد أو فى معاش الناس لكنها قيمت هذه التجربة من خلال الواقع المعقد والمأزؤم الذى تعيشه البلاد والمعاناة التى تعيشها هذه السيدة التى لا تعرف المكر والدهاء ولا تعرف السياسة لا من قريب ولا من بعيد.

وهناك عشرات الآلاف مثل هذه السيدة قد قاموا بتقييم أداء الحكومة الإنتقالية من دون إستبيان أو إستطلاع مع العلم أن راعى الضان فى أبو سويلك والمزارع فى الوساع وصاحب القهوة فى قرورة وعامل اليومية بالسوق العربى يعلمون تمام العلم أن الحكومة الإنتقالية أقل بكثير من تحقيق طموحات الشفاتة والكنداكات والسانات وأنها كانت كذبة كبيرة و (ماسورة قلفنايز) وأنها حكومة كسيحة لم ولن تستطيع تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الحياة للمواطن فى ظل الإحتقان السياسى الذى تشهده البلاد.

نــــــــــص شــــــــوكــة

بما أن النجاح يولد وله ألف أب والهزيمة تولد يتيمة فإن الفترة القادمة ستشهد تقديم إستقالات وتشهد ملاسانات وشتائم بين مكونات الحكومة الإنتقالية وتنتقل عدوى الصراع بين (القونات) إلى قيادات الحكومة الإنتقالية وقد بدأ الصراع بين المستشار الإعلامى لرئيس الوزراء وإسماعيل تاج والبقية تأتى.

ربــــــــع شــــــــوكــة

(يا حاجة قلتى لى الجماعة ديل بيتكلموا ساكت).

yassir.mahmoud71@gmail.com

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى